الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرض أبيه ـ لعنه الله ـ أن يستغفر له ، فنزلت : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)
الأمر والنهي في معنى الخبر. والمعنى : لن يغفر الله لهم استغفرت أم لم تستغفر لهم. وفيه معنى الشرط والجزاء. والمراد به المبالغة في اليأس من المغفرة بأنّه لو طلبها طلب المأمور بها وتركها ترك المنهيّ عنها لكان ذلك سواء في أنّ الله تعالى لا يفعلها ، فيريد التساوي بين الأمرين في عدم الإفادة لهم ، كما نصّ عليه بقوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وقد شاع في كلامهم استعمال السبعة والسبعين والسبعمائة ونحوها في التكثير دون التحديد.
وما قيل : من أنّه قال : لأزيدنّ على السبعين ، فنزلت سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لن يغفر الله لهم. وذلك لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فهم من السبعين العدد المخصوص ، لأنّه الأصل ، فجوّز أن يكون ذلك حدّا يخالفه حكم ما وراءه ، فبيّن له أنّ المراد به التكثير دون التحديد.
ضعيف (١) ، لأنّه خبر واحد لا يعوّل عليه ، لأنّه يتضمّن أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يستغفر للكفّار ، وذلك غير جائز بالإجماع. وكذا أورد في الآحاد أنّه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو علمت أنّه لو زدت على السبعين مرّة غفر لهم لفعلت.
ويحتمل أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يرجو أن يكون لهم لطف يصلحون به ، فعزم على الاستغفار لهم قبل أن يعلم بكفرهم ونفاقهم. ويمكن أن يكون قد استغفر لهم قبل أن يخبر بأنّ الكافر لا يغفر له ، أو قبل أن يمنع منه. ويجوز أن يكون استغفاره لهم واقعا بشرط التوبة من الكفر ، فمنعه الله منه ، وأخبره بأنّهم لا يؤمنون أبدا ، فلا فائدة في الاستغفار لهم. والله أعلم.
(ذلِكَ) أي : اليأس من المغفرة وعدم جواز استغفارك ليس لبخل منّا ، ولا قصور فيك ، بل (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) بسبب الكفر الصارف عنها (وَاللهُ لا
__________________
(١) خبر لـ «ما قيل» قبل أسطر.