الضرر عن نفسه (قالَ) لدفعه (هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) طالبتني بالمؤاتاة (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها) قيل : ابن عمّها ، وكان حكيما يرجع إليه الملك ويستشيره ، وهو جالس مع زوجها عند الباب. وقيل : ابن خالها صبيّا في المهد. وهذا أصحّ.
ويؤيّده ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تكلّم أربعة صغارا : ابن ماشطة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى».
وإنّما ألقى الله الشهادة على لسان أهلها لتكون ألزم عليها حجّة ، وأوثق دليلا ، وأنفى للتهمة عنه.
(إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ) لأنّه يدلّ على أنّها قدّت قميصه من قدّامه بالدفع عن نفسها ، أو أنّه أسرع خلفها فتعثّر بذيله فانقدّ جيبه.
(وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) لأنّه يدلّ على أنّها تبعته فاجتذبت ثوبه فقدّته. والشرطيّة محكيّة على إرادة القول ، أو على أنّ فعل الشهادة من القول ، كأنّه قيل : وشهد شاهد فقال : إن كان قميصه. وتسميتها شهادة وإن لم يكن بلفظ الشهادة ، ولم يكن مرئيّا ، لأنّها أدّت مؤدّاها. والشّرط وإن كان ماضيا ولكنّه في تأويل المضارع ، وهو : إن يعلم أنّه كان. فجاز الجمع بين «إن» الّذي هو للاستقبال وبين «كان». ونظيره قولك : إن أحسنت إليّ فقد أحسنت إليك من قبل ، أي : وإن تمنن عليّ بإحسانك امنن عليك بإحساني السابق.
(فَلَمَّا رَأى) قطفير (قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) وبه علم براءة يوسف وصدقه وكذبها (قالَ إِنَّهُ) إن قولك : (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً) ، أو إنّ السّوء ، أو إنّ هذا الأمر (مِنْ كَيْدِكُنَ) من حيلتكنّ. والخطاب لها ولأمثالها ، أو لسائر النساء.
(إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) استعظم كيد النساء وإن كان في الرجال ، لأنّ كيدهنّ أعلق بالقلب ، وألطف به ، وأشدّ تأثيرا في أنفس الرجال ، فإنّ قليل حيل النساء أسبق إلى