جميع الكفّار لكن الأقرب منهم فالأقرب ، كما أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّلا بإنذار عشيرته ثمّ غيرهم من العرب ، فحارب قومه ثمّ غيرهم من عرب الحجاز ، ثمّ غزا الشام ، وذلك لأنّ الأقرب أحقّ بالشفقة والاستصلاح. وهكذا المفروض على أهل كلّ ناحية أن يقاتلوا من وليهم ما لم يضطرّ إليهم أهل ناحية أخرى.
وقيل : هم يهود حوالي المدينة ، كقريظة والنضير وخيبر. وقيل : الروم ، فإنّهم كانوا يسكنون الشام ، وهو قريب من المدينة.
والأوّل أصحّ ، لأنّ السورة نزلت في سنة تسع ، وقد فرغ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أولئك. وكان الحسن إذا سئل عن قتال الروم والترك والديلم تلا هذه الآية.
(وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) شدّة وشجاعة وصبرا على القتال. ونحوه : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (١). (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) بالحراسة والإعانة.
(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ) فمن المنافقين (مَنْ يَقُولُ) بعضهم لبعض إنكارا واستهزاء باعتقاد المؤمنين (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ) السورة (إِيماناً) أي : تصديقا ويقينا (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً) بزيادة العلم الحاصل من تدبّر السورة ، وانضمام الايمان بها وبما فيها إلى إيمانهم (وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) بنزولها ، أي : يسرّون ، ويبشّر بعضهم بعضا ، قد تهلّلت وجودهم وفرحوا بنزولها ، لأنّه سبب لزيادة كمالهم وارتفاع درجاتهم.
(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) كفر ونفاق (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) كفرا بها مضموما إلى الكفر بغيرها ، فإنّهم بتجديد الوحي جدّدوا كفرا ونفاقا فازداد كفرهم عنده واستحكم (وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) واستحكم وتضاعف ذلك منهم حتّى ماتوا عليه.
__________________
(١) التوبة : ٧٣.