أن يكون التاء للخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي : تطهّرهم أنت.
(وَتُزَكِّيهِمْ بِها) وتنمي بها حسناتهم ، وترفعهم إلى منازل المخلصين. وقيل : التزكية بمعنى التطهير تأكيدا. ولا شبهة أنّ التأسيس أولى. وإنّما لم يجزم الفعلين ليكون جوابا للأمر ، لأنّ في جعلهما صفتين فائدة زائدة ، وهي أنّ المأمور أخذ صدقة مطهّرة ، وهي الّتي تكون عن طيب نفس وانشراح صدر بنيّة خالصة ، لا مطلق الصدقة ، ومع الجزم لا يفيد إلّا مطلق الصدقة. فعلى هذا تكون التاء للخطاب.
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) وترحّم عليهم بالدعاء لهم بقبول صدقاتهم والاستغفار لهم (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) هو ما يسكن إليه. والمراد أنّهم تسكن إليها نفوسهم ، وتطمئنّ بها قلوبهم ، وتطيب بقبول صدقتهم. وجمعها لتعدّد المدعوّ لهم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالتوحيد. (وَاللهُ سَمِيعٌ) باعترافهم بذنوبهم (عَلِيمٌ) بما في ضمائرهم من الندم والغمّ لما فرط منهم.
والأمر للوجوب عند أكثر أصحابنا ، وعند آخرين للندب. وهذه مسألة أصوليّة ، من أراد تحقيقها فليرجع إلى الكتب الأصوليّة. وهذا الحكم ثابت في أئمّتنا عليهمالسلام القائمين مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل في الفقير والساعي ، للتاسّي ، ولجريان علّة الصلاة فيهم ، وهي تطييب النفوس وطمأنينة القلوب.
قال الزهري بعد ذكر ما تقدّم : قال أبو لبابة : يا رسول الله إنّ من توبتي أن أهجر دار قومي الّتي أصبت فيها الذنب ، وأنا انخلع من مالي كلّه. قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يجزيك يا أبا لبابة الثلث. فأخذ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلث أموالهم وترك الثلثين ، لأنّ الله تعالى قال : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) ولم يقل : خذ أموالهم.
وعن الحسن : المراد بها الأمر بأن يأخذ الصدقة من أموال هؤلاء التائبين تشديدا للتكليف ، وليست بالصدقة المفروضة ، بل هي على سبيل الكفّارة للذنوب الّتي أصابوها.