الموت (أَوْ بَدِّلْهُ) بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية اخرى. ولعلّهم سألوا ذلك لكي يسعفهم إليه فيلزموه.
(قُلْ ما يَكُونُ لِي) ما يصحّ لي (أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) من قبل نفسي.
وهو مصدر استعمل ظرفا. وإنّما اكتفى بالجواب عن التبديل لأنّ هذا داخل تحت مقدور الإنسان ، بأن يضع مكان آية عذاب آية رحمة ممّا أنزل ، وأن يسقط ذكر الآلهة ، فأمّا الإتيان بقرآن آخر فغير مقدور عليه للإنسان.
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) تعليل لقوله : (ما يَكُونُ لِي) ، فإنّ المتّبع لغيره في أمر لا يستبدّ بالتصرّف فيه بوجه. وجواب للنقض بنسخ بعض الآيات ببعض ، أي : إن نسخت آية تبعت النسخ ، وإن بدّلت آية مكان آية تبعت التبديل ، وليس إليّ نسخ ولا تبديل. وردّ لما عرضوا له بهذا السؤال من أنّ القرآن كلامه واختراعه ، ولذلك قيّد التبديل في الجواب وسمّاه عصيانا فقال : (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) أي : بالتبديل من عند نفسي (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). وفيه إيماء بأنّهم استوجبوا العذاب بهذا الاقتراح.
(قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ) غير ذلك (ما تَلَوْتُهُ) ما قرأت هذا القرآن (عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) ولا أعلمكم الله به على لساني بأن لا ينزله عليّ ، فلا أقرأ عليكم فلا تعلمونه. وعن ابن كثير برواية قنبل والبزّي مع خلاف : ولأدراكم بلام التأكيد ، أي : لو شاء الله ما تلوته عليكم ولأعلمكم الله به على لسان غيري ، ولكنّه خصّني بهذه الكرامة ، يعني : أنّه الحقّ الّذي لا محيص عنه ، لو لم أرسل به لأرسل به غيري.
وملخّص المعنى : أنّ تلاوته ليست إلّا بمشيئة الله ، لا بمشيئتي حتى أجعله على نحو ما تشتهونه.
ثمّ قرّر ذلك بقوله : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ) فقد أقمت فيما بينكم (عُمُراً) مقدار عمر أربعين سنة (مِنْ قَبْلِهِ) من قبل القرآن لا أتلوه ولا أعلمه. فهذا دلالة على أنّ القرآن معجز خارق للعادة ، فإن من عاش بين أظهركم أربعين سنة لم يمارس فيها