الذنب ، وأن انخلع عن مالي. فقال النبيّ : يجزيك الثلث أن تتصدّق به.
وهذه الرواية مرويّة أيضا عن الكلبي والزهري.
وقال عطاء : سمعت جابر بن عبد الله يقول : إنّ أبا سفيان خرج من مكّة ، فأتى جبرئيل عليهالسلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : إنّ أبا سفيان في مكان كذا وكذا ، فاخرجوا إليه واكتموا. قال : فكتب إليه رجل من المنافقين : إنّ محمّدا يريدكم فخذوا حذركم.
فأنزل الله هذه الآية.
وقال السدّي : كانوا يسمعون الشيء من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيفشونه حتّى يبلغ المشركين ، فنزلت.
وقيل : المراد بالخيانة الغلول في المغانم.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) لأنّهم سبب الوقوع في الإثم أو العقاب ، أو محنة من الله تعالى ليبلوكم فيهم ، فلا يحملنّكم حبّهم على الخيانة ، كأبي لبابة (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمن آثر رضا الله تعالى عليهم ، وراعى حدوده فيهم ، فعليكم أن تزهدوا في الدنيا ، ولا تحرصوا على جمع المال وحبّ الأولاد ، ولا تؤثروهما على نعيم الأبد.
قال في المجمع : «بيّن سبحانه بهذه الآية أنّه يختبر خلقه بالأموال والأولاد ، ليتبيّن الراضي بقسمه ممّن لا يرضى به ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن ليظهر الأفعال الّتي بها يستحقّ الثواب والعقاب. وإلى هذا أشار أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : «لا يقولنّ أحدكم : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة ، لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن ، فإنّ الله سبحانه يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ). وقد روي هذا المعنى عن ابن مسعود أيضا» (١).
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٥٣٦.