واختلف فيما اشتراه به من جعل شراءه غير الأوّل ، فقيل : عشرون دينارا ، وزوجا نعل ، وثوبان أبيضان. وقيل : وزنه فضّة. وقيل : ذهبا. وقيل : أدخلوه السوق يعرضونه ، فترافعوا في ثمنه ، حتى بلغ ثمنه وزنه مسكا وورقا وحريرا ، فابتاعه قطفير بذلك المبلغ.
(لِامْرَأَتِهِ) راعيل ، ولقبها زليخا. وهي المشهورة. (أَكْرِمِي مَثْواهُ) اجعلي مقامه عندنا كريما ، أي : حسنا مرضيّا. والمعنى : أحسني تعهّده حتّى تكون نفسه طيّبة في صحبتنا ، ساكنة في كنفنا. روي : أنّه سأله عن نفسه فأخبره بنسبه ، فعرفه وأمر زوجته بإكرامها له. (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) في ضياعنا وأموالنا ، ونستظهر به في مصالحنا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) نتبنّاه ، وكان عقيما ، لما تفرّس فيه من الرشد.
(وَكَذلِكَ) أي : وكما مكّنّا محبّة يوسف في قلب العزيز ، أو كما مكّنّاه في منزله ، أو كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) جعلناه ملكا يتصرّف فيها بأمره ونهيه (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) عطف على مضمر ، تقديره : ليتصرّف فيها بالعدل ولنعلّمه ، أي : كان القصد في إنجائه وتمكينه إلى أن يقيم العدل ، ويدبّر أمور الناس ، ويعلّم كتاب الله وأحكامه فينفذها ، أو يعبّر المنامات المنبّهة على الحوادث الكائنة ليستعدّ لها ويشتغل بتدبيرها قبل أن تحلّ ، كما فعله لسنوات القحط.
(وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) لا يردّه شيء ، ولا ينازعه فيما يشاء. أو على أمر يوسف ، يعني : إخوة يوسف أرادوا به شيئا ، وأراد الله تعالى غيره ، فلم يكن إلّا ما أراده ودبّره. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أنّ الأمر كلّه بيده ، أو لطائف صنعه وخفايا لطفه.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) منتهى اشتداد جسمه وقوّته ، وهو سنّ الوقوف ما بين الثلاثين والأربعين. وقيل : سنّ الشباب ، ومبدؤه بلوغ الحلم. وقيل : الأشدّ ثماني