روى أبو قلابة عن ابن مسعود أنّه كان يقول : اللهمّ إن كنت كتبتني في الأشقياء ، فامحني من الأشقياء ، واثبتني في السعداء ، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أمّ الكتاب. وروي مثل ذلك عن أئمّتنا عليهمالسلام في دعواتهم المأثورة.
وروى عكرمة عن ابن عبّاس قال : لله كتابان : كتاب سوى أمّ الكتاب ، يمحو الله منه ما يشاء ويثبت ، وأمّ الكتاب لا يغيّر منه شيء. ورواه عمران بن حصين عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن ليلة القدر. فقال : ينزل الله فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا ، فيكتبون ما يكون من أمر السنة ، وما يصيب العباد ، وأمر ما عنده موقوف له فيه المشيئة ، فيقدّم منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ، ويمحو ويثبت ، وعنده أمّ الكتاب».
وروى الفضيل قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : العلم علمان : علم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه ، وعلم عنده محزون لم يطّلع عليه أحد ، يحدث فيه ما يشاء».
وروى زرارة عن حمران ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «هما أمران : موقوف ومحتوم ، فما كان من محتوم أمضاه ، وما كان من موقوف فله فيه المشيئة ، يقضي فيه ما يشاء».
وقيل : المراد من الآية أنّ الله يغيّر الأرزاق والمحن والمصائب ، ويثبته في الكتاب ، ثمّ يزيله بالدعاء والصدقة. ففيه حثّ على الانقطاع إليه سبحانه.
(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) وكيفما دارت الحال أريناك بعض ما أوعدناهم ، أو توفّيناك قبله (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) لا غير (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) للمجازاة لا عليك ، فلا تحزن ـ أي : بإعراضهم ـ ولا تستعجل بعذابهم ، فإنّا فاعلون له إمّا عاجلا وإمّا آجلا.
وفي هذه دلالة على أنّ الإسلام سيظهر على سائر الأديان ، ويبطل الشرك