كقول لبيد (١) :
فوقفت أسألها وكيف سؤالنا
أو أن يلتفت نوعا واحدا فيقول :
وبتّ وبات لكم ... |
|
وذلك من نبأ جاءكم ... |
وخبرتم عن أبي الأسود |
أن يكون حين قصد تهويل الخطب واستفظاعه في النبأ الموجع ، والخبر المفجع للواقع ، الفاتّ في العضد ، المحرق للقلب والكبد ، فعل ذلك منبها في التفاته الأول على أن نفسه وقت ورود ذلك النبأ عليها ولهت وله الثكلى.
فأقامها مقام المصاب الذي لا يتسلى بعض التسلي إلّا بتفجع الملوك له ، وتحزنهم عليه ، وأخذ يخاطبه ب : خ خ تطاول ليلك تسلية ، أو نبه على أن نفسه ، لفظاعة شأن النبأ ، واستشعارها معه كمدا وارتماضا (٢) ، أبدت قلقا لا يقلقه كمد ، وضجرا لا يضجره مرتمض ، وكان من حقها أن تتثبت وتتصبر ، فعل الملوك ، وجريا على سننها المسلوك ، عند طوارق النوائب ، وبوارق المصائب ، فحين لم تفعل ، شككته في أنها نفسه ، فأقامها مقام مكروب ذي حرق ، قائلا له : (تطاول ليلك) مسليا.
__________________
(١) لبيد : أبو عقيل ، لبيد بن ربيعة العامري ، نشأ ربيب الندى والبأس ، من الشعراء المخضرمين ، قيل إنه هجر الشعر في الإسلام ولم يرو عنه إلا بيت واحد :
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... |
|
حتى لبست من الإسلام سربالا |
مات في خلافة معاوية سنة إحدى وأربعين من الهجرة.
والبيت من الكامل ، وهو في ديوانه من معلقته المشهورة وعجز البيت :
صمّا خوالد ما يبين كلامها.
(٢) ارتماضا : حزنا ، ارتمضت لفلان : حزنت عليه.