بتنجز التكليف وصحة العقوبة على مخالفته لا شيء (١) يقوم مقامه في هذا الحكم (٢).
______________________________________________________
«الطواف بالبيت» منزلة «الصلاة» ، فان الطواف مغاير لأحكام الصلاة الثابتة له ببركة التنزيل كمغايرته لنفس الصلاة. وكذا الحال في قيام خبر الثقة مقام القطع في التنجيز مثلا ، فان الخبر غير التنجيز الثابت له بتنزيله منزلة القطع ، وهكذا في سائر التنزيلات ، فلو كان المنزل نفس حكم المنزل عليه لم يصح التنزيل ، وهذه المغايرة مفقودة في الاحتياط العقلي ، لما عرفت من أن حقيقة الاحتياط العقلي هي حسن المؤاخذة عقلا على المخالفة ، وليس الاحتياط الا نفس التنجيز الثابت للقطع ، فلا مغايرة بين الاحتياط العقلي وبين التنجيز.
وأما الاحتياط الشرعي ، فملخص الكلام فيه : أن إلزام الشارع بالاحتياط وان كان موجباً لتنجز التكليف به وصحة العقوبة على مخالفته ، وكان هذا الإلزام الشرعي مغايراً للتنجيز أيضا ، ولذا صح تنزيله منزلة القطع على خلاف الاحتياط العقلي ، حيث انه عين التنجيز كما عرفت ، إلّا أن هذا الإلزام الشرعي بالاحتياط مجرد فرض ، ولا وجود له في الخارج ، إذ لا نقول بوجوب الاحتياط شرعاً في الشبهات البدوية وان قال به أصحابنا المحدثون في الشبهات التحريمية الناشئة من فقد النص. وأما في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي ، فالاحتياط فيها وان كان ثابتاً ، لكنه عقلي وليس بشرعي ، وقد عرفت أنه لا معنى لقيام الاحتياط العقلي مقام القطع في التنجيز ، لأن الاحتياط عين التنجيز.
(١) يعني : وليس الاحتياط العقلي شيئاً آخر ـ غير حكم العقل بتنجز التكليف ـ يقوم مقام القطع في التنجيز ، ومن هنا ظهر أن حق العبارة أن تكون هكذا : «لا شيئاً آخر يقوم ... إلخ».
(٢) أي : التنجيز وصحة العقوبة على المخالفة.