ومن هنا (١) قد انقدح أنه لا يكون من قِبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الأصول الحكمية (٢)
______________________________________________________
بالخصوص تخييراً ، لإناطة الموافقة الاحتمالية به فاسد. أما الأول ، فلعدم معقوليته ، إذ مع العلم بعدم كون أحدهما مراداً له سبحانه وتعالى لا ينقدح في نفس العاقل التزام جدي بكل واحد منهما بعينه ، هذا. مضافاً إلى استلزامه ـ بعد تسليمه ـ للمخالفة القطعية ، لعلمه بعدم كون أحدهما حكماً له تعالى.
وأما الثاني ، فلدورانه بين المحذورين ، لأنه إذا اختار الوجوب والتزم به بعينه ، فان كان الحكم الواقعي هو الوجوب أيضا ، فلا بأس بهذا الالتزام ، ولم يتوجه إليه محذور ، وان كان هو الحرمة فقد شرع ووقع في محذور التشريع. وكذا القول إذا اختار الحرمة والتزم بها ، فالالتزام بأحد الحكمين عيناً اما واجب واما حرام.
(١) يعني : ومن اقتضاء التكليف المعلوم وجوب الالتزام بنفسه وبعنوانه ـ بناء على أصل الاقتضاء ـ دون التخيير بينه وبين ضده قد ظهر : أن وجوب الالتزام ليس مانعاً عن جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي إذا كانت بنفسها ـ مع قطع النّظر عن وجوب الموافقة الالتزامية ـ جارية فيها بأن تمت أدلتها بحيث تشمل أطراف العلم الإجمالي ، ولم يمنع عن جريانها مانع آخر ، والوجه فيه ما عرفته من سقوط وجوب الالتزام بامتناع امتثاله.
وبالجملة : فبعد البناء على اختصاص وجوب الالتزام بالحكم المعلوم تفصيلا لا يكون وجوب الالتزام ـ فيما لا يعلم التكليف تفصيلا ـ ثابتاً حتى يمنع عن جريان الأصول.
(٢) كأصالة الإباحة فيما دار أمره بين الوجوب والحرمة ، كالدعاء عند رؤية الهلال إذا فرض دوران حكمه الكلي بين الوجوب والحرمة.