ثانيها (١)
______________________________________________________
من اقتضاء الظن للحجية وجواز الاكتفاء به في مرحلة الفراغ ، إذ التعليل بقاعدة عدم لزوم دفع الضرر المحتمل تعليل بما هو خارج عن مقام الذات ، والمدعى اقتضاء الظن ذاتاً للحجية المستلزمة لجواز الاكتفاء به في مرحلة الفراغ ، لا اقتضاؤها لها بما هو خارج عن ذاته ، فلا يصلح عدم لزوم دفع الضرر المحتمل لأن يكون علة لاقتضاء الأمارات ذاتاً ـ كما عبر به بعض ـ للحجية.
أو يشير به إلى عدم صغروية الفراغ لتلك القاعدة ، إذ موردها هو الشك في ثبوت التكليف لا سقوطه الّذي يكون المرجع فيه قاعدة الاشتغال ، فدعوى اقتضاء الأمارة ذاتاً للحجية في مرحلة الفراغ في غير محلها ، بل المرجع عند الشك في الفراغ قاعدة الاشتغال.
إمكان التعبد بالأمارة غير العلمية وقوعاً
(١) بعد أن أثبت في الأمر الأول الإمكان الذاتي فقط لحجية الأمارات دون العلية والاقتضاء عقد الأمر الثاني لبيان الإمكان الوقوعي لها كما نسب إلى المشهور ، إذ لا ملازمة بين الإمكانين ، حيث ان الإمكان الذاتي هو سلب الضرورة عن الطرف المخالف بالنظر إلى نفس الذات كإمكان زيد ، فان معناه عدم ضرورية عدمه بالنظر إلى ذاته ، وهذا المعنى لا ينافي امتناعه بلحاظ ما هو خارج عن الذات ، فالممكن الذاتي يمكن أن يكون ممتنعاً بالغير ، فلا يكون حينئذ ممكناً بالإمكان الوقوعي ، فالإمكان الذاتي أعم من الإمكان الوقوعي ، ويقابل الإمكان الوقوعي الامتناع الوقوعي ، وهو ما يلزم من وجوده محذور ، والمراد بالإمكان هنا هو الوقوعي في مقابل من يدعي الامتناع الوقوعي كابن قبة (١)
__________________
(١) قال في الكنى والألقاب : «بكسر القاف وفتح الموحدة المخففة كعدة أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن بن قبة الرازي فقيه رفيع المنزلة من عيون أصحابنا وصالحيهم المتكلمين».