لم يصر فعلياً ، وما لم يصر فعلياً لم يكد يبلغ مرتبة التنجز (*) واستحقاق (١)
______________________________________________________
بالفعلية بعث المولى وزجره ، بأن يقول : «افعل» أو «لا تفعل» مع عدم وصوله إلى المكلف بحجة معتبرة من علم أو علمي ، فلا توجب مخالفته حينئذ ذماً ولا عقاباً.
والمراد بالتنجز وصول هذا الحكم ـ البالغ مرتبة البعث أو الزجر ـ إلى العبد بالحجة الذاتيّة أو المجعولة ، فتكون مخالفته حينئذ موجبة لاستحقاق العقوبة.
إذا عرفت هذه المراتب الأربع ، فاعلم : أن وجوب العمل بالقطع عقلا ، وقضاء الضرورة والوجدان باستحقاق العقوبة على مخالفته ، والمثوبة على موافقته انما هو فيما إذا تعلق القطع بالمرتبة الثالثة وهي البعث والزجر ليكون الحكم منجزاً بسبب وصوله إلى العبد بالقطع به ، فلو لم يتعلق القطع بهذه المرتبة بل تعلق بما قبلها من الاقتضاء والإنشاء لم يكن هذا القطع موضوعاً للحجية في نظر العقل ، لعدم صدق الإطاعة والعصيان على موافقته ومخالفته. وعلى هذا ، فالقطع لا يكون موضوعاً للأثرين المذكورين في المتن ـ أعني وجوب العمل على طبقه وكونه موجباً للتنجز ـ إلّا إذا تعلق بمرتبته الفعلية. فقد ظهر من جميع ما ذكرنا : وجه تقييد المصنف الحكم بالفعلي في قوله : «إذا التفت إلى حكم فعلي واقعي أو ظاهري ...».
(١) معطوف على «التنجز».
__________________
(*) لا يخفى ما في جعل التنجز من مراتب الحكم من الغموض ، حيث ان الحكم هو المجعول التشريعي في قبال المجعول التكويني ، ومن المعلوم أن التنجز ـ وهو وصول ذلك المجعول الشرعي بحجة من علم أو علمي إلى المكلف ـ أجنبي عن هوية الحكم ، نظير العلم بسواد جسم. مضافاً إلى تأخر التنجز عنه ، لعروضه عليه ، فلا يكون من مراتب الحكم ، كعدم كون العلم بالسواد من مراتب السواد.