.................................................................................................
______________________________________________________
التبين (*).
الثالث : أن التبين المأمور به بقوله تعالى : «فتبينوا» هو التبين العرفي المفيد للاطمئنان وان لم يفد القطع الوجداني بالواقع ، وخبر العادل بما أنه مفيد للاطمئنان ، فلا يبقى معه موضوع لوجوب التبين والتفحص عرفاً بالنسبة إليه ، فيكون كما إذا أفاد خبره القطع الوجداني بالواقع ، فانه لا معنى لوجوب التبين فيه ، فكأنه قيل : «ان أخبركم من لا يفيد قوله الاطمئنان ـ وهو الفاسق ـ بخبر فتبينوا» فان مفهومه أنه «ان أخبركم من يفيد قوله الاطمئنان ـ وهو العادل ـ لم يجب التبين فيه». فالآية الشريفة في مقام بيان وجوب التبين في خبر الفاسق لأجل تحصيل الاطمئنان بصدق خبره ، وعدم وجوبه في خبر العادل ، لأن الاطمئنان بصدق خبره حاصل ، فلا موضوع لوجوب التبين في خبر العادل ، لأن نتيجة التبين ـ وهو انكشاف صدق الخبر ـ حاصل في خبره.
الرابع : من جهة التعليل في الآية المباركة بخوف الوقوع في الندم ، فانه يقتضي اعتبار خبر العادل ، إذ لا يترتب الندم الا على ما لا يحسن ارتكابه عند العقلاء ، ومنه الاعتماد على خبر الفاسق بدون تبين ، وهذا بخلاف الاعتماد على خبر العادل بدونه ، فانه ليس مما لا يحسن ارتكابه حتى إذا انكشف خطاؤه ، وترتب عليه الندم ، إذ لا يزيد خبر العادل على العلم الّذي يعتمد عليه العالم ثم ينكشف خطاؤه ، فكأنه قيل : ان أخبركم من لا يوجب الاعتماد على خبره خوف الوقوع في الندم ـ وهو العادل ـ فلا يجب التبين عنه.
الخامس : التقريب المذكور في المتن وسيأتي توضيحه.
__________________
(*) ولعل تقريب الاستدلال بالآية الشريفة بما في الرسائل يرجع إلى مفهوم الوصف ، وحاصله : أن هنا وصفين : أحدهما : ذاتي وهو كونه خبر واحد ،