.................................................................................................
______________________________________________________
لكن من المعلوم ـ كما حقق في محله ـ أن هذا الإطلاق متقوم بعدم القرينة أو ما يصلح للقرينية على صرف المطلق عن إطلاقه ، فإذا كان هناك قرينة أو ما يصلح لأن يكون قرينة على صرف المطلق عن إطلاقه انتفى الإطلاق ، فلا يرتفع العدل حتى يثبت الانحصار كي يثبت المفهوم. والسر فيه واضح ، فانه مع عدم الإطلاق ووجود العدل للموضوع المذكور في القضية لا يستفاد من الشرط المعين فيها انحصار موضوع الحكم في الموضوع المذكور فيها ، فلا يتحقق لها مفهوم وهو انتفاء الحكم عند انتفاء الموضوع المذكور في المنطوق ، بخلاف صورة وجود الإطلاق الرافع للعدل ، فانه يستفاد الانحصار المذكور من الشرط ، فيتحقق المفهوم.
ففي مثال وجوب التقصير لو فرض تعليل الوجوب بما يشترك فيه خفاء الأذان والجدران كقوله : «لأنك فارقت بلدك» كان هذا التعليل قرينة مانعة عن إطلاق المنطوق الرافع للعدل ، إذ ظاهره حينئذ أن المناط في وجوب التقصير مفارقة البلد سواء تحققت بخفاء الأذان أو الجدران ، فيثبت العدل لخفاء الأذان فكأنه قال : «إذا خفي الأذان أو الجدران فقصر». وحينئذ فلا يستفاد من الشرط انحصار وجوب التقصير في خفاء الأذان ، بل يتعدى منه إلى خفاء الجدران أيضا ، فلا يثبت له المفهوم ، وهو : إذا لم يخف الأذان فلا تقصر.
وفي المقام كذلك ، يعني توجد القرينة المانعة عن الإطلاق ، وذلك لأن التعليل بـ «إصابة القوم بجهالة» مشترك بين المنطوق والمفهوم وهو نبأ العادل ، إذ المفروض عدم إفادة خبر العادل للعلم ، إذ لو أفاد العلم لخرج عن المبحث وهو التعبد بغير العلم ، فالاعتماد على نبأ العادل ـ كالاعتماد على نبأ الفاسق ـ اعتماد على ما لا يفيد العلم ، فيصير من إصابة القوم بجهالة ، واحتفاف الكلام