في معناها الحقيقي ، وهو الترجي الإيقاعي الإنشائي (١) ، إلّا أن الداعي
______________________________________________________
الالتزام بكونها مجازاً إذا وقعت في كلامه تبارك وتعالى ، لاستلزامه الجهل بوقوع الأمر المرجوّ ، وأقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي ـ فيما نحن فيه ـ هو المحبوبية وان لم يكن الترجي بمعنى المحبوبية في كلام غيره تعالى ، لأن الترجي هو الترقب من غير فرق بين تعلقه بمحبوب أو مكروه.
وان قلنا بأنها حقيقة في إنشاء الترجي وان كان بداع آخر غير الترجي الحقيقي فاستحالة كونها بمعنى الترجي الحقيقي في حقه تعالى أوضح ، إذ المفروض عدم كونها مستعملة في كلامه تعالى في معنى مجازي غير الترجي ، والترجي سواء كان بداعي الترجي الحقيقي أو غير الحقيقي مستحيل في حقه تعالى ، لما تقدم من استلزامه الجهل بالأمر المرجوّ ، فلا بدّ أن تكون بمعنى المحبوبية. وعلى كل حال فمدخول كلمة «لعل» في خصوص المقام يكون محبوباً ، لأنه غاية للإنذار المأمور به ، وإذا ثبتت محبوبيته ثبت وجوبه شرعاً ، لعدم القول بالفصل بين محبوبية مدخولها وبين وجوبه ، يعني كل من قال بمحبوبية مدخولها قال بوجوبه ، ولم يقل أحد بمحبوبية مدخولها وعدم وجوبه ، وسيأتي لهذا مزيد توضيح.
وقد تعرض للاستدلال بهذه الآية شيخنا الأعظم ، قال بعد نقل الآية : «دلت على وجوب الحذر عند إنذار المنذرين من دون اعتبار إفادة خبرهم العلم لتواتر أو قرينة ، فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد ، أما وجوب الحذر فمن وجهين : أحدهما : أن لفظة لعل بعد انسلاخها عن معنى الترجي ظاهرة في كون مدخولها محبوباً للمتكلم ، وإذا تحقق حسن الحذر ثبت وجوبه ، اما لما ذكره في المعالم من أنه لا معنى لندب الحذر ، إذ مع قيام المقتضي يجب ، ومع عدمه لا يحسن. واما لأن رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالإجماع المركب ، لأن كل من أجازه فقد أوجبه».
(١) حيث ان معنى كلمة «لعل» إنشاء الترجي ولو كان بدواع مختلفة ، وليس