والمنهي عنها ، بل انما هي تابعة لمصالح فيها (١) كما حققناه في بعض فوائدنا (*).
______________________________________________________
الثاني ـ أعني ما إذا أريد بالضرر المذكور فيها المفسدة ـ وهذا الوجه ناظر إلى إنكار أصل تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، وكان الأولى تقديمه على الوجه الأول المتقدم بقوله : «فلأنها وان كان الظن ... إلخ» لتقدمه عليه طبعا ، فكان المناسب أن يقول هكذا : «أما المفسدة ففيها أولا عدم تسليم كونها في الفعل وثانيا منع كونها ضررا على كل حال».
وكيف كان فتوضيح هذا الوجه الثاني : أن الظن بالحكم ليس ملازما للظن بالمفسدة أو فوات المصلحة ، إذ هذه الملازمة مبنية على حصر المصالح والمفاسد في متعلقات التكاليف حتى تكون مخالفة العبد سببا للوقوع في المفسدة أو فوات المصلحة. وأما إذا كانتا في نفس الجعل ، فهما حاصلتان بنفسه ، ولا ربط لهما بمخالفة العبد وموافقته للحكم المظنون.
(١) أي : في نفس الأحكام.
__________________
(*) لم نظفر بذلك فيما بأيدينا من فوائده المطبوعة مع حاشيته على الفرائد ، بل فيها ما يكون ظاهرا أو صريحا في تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، حيث قال في الفائدة التي عقدها لتحقيق ما اشتهر من الملازمة بين حكم العقل والشرع ما لفظه : «فهاهنا دعويان : الأولى : عدم لزوم الإلزام شرعا بما ألزم به عقلا. الثانية : لزوم أن لا يلزم شرعا إلّا بما يلزم به عقلا ، وذلك لأن الطلب الحقيقي والبعث الجدي الإلزامي لا يكاد أن يكون الا بملاك يكون في المطلوب والمبعوث إليه ، ولا يكاد أن يكون فيه بالنسبة إليه تعالى ملاك الا المصلحة الذاتيّة أو العارضة بسبب بعض الوجوه الطارئة ، حيث لا يعقل في حقه تبارك وتعالى غرض وداع آخر.