منّيته محضا فلما شفّه |
|
ظمأ أتاك به سقيت سمارا |
وجلبته فنحاك يعتسف الردى |
|
ويخوض منه لجّة وغمارا |
شغفا بدار العلم فيك وقلبه |
|
ما زال ربعا للعلوم ودارا |
ما زدت عما عنده فسقاك من |
|
رفع السماء نقيصة وعثارا |
وأجار أهلك في المعاد فإنهم |
|
أوفى الخلائق ذمة وجوارا |
لولاك ما خطت البرية عنسة (١) |
|
وأثرن من ذاك الحزيز غبارا |
متلفعات بالحميم كأنما |
|
يبدو على وضح الركايب قارا |
فلئن أقمن بسيف دجلة رتّعا |
|
فبما قطعن مفاوزا وحرارا |
قيّدن في أسر الكلال وطالما |
|
أحيين ليلا بالسرى ونهارا |
أأبا العلاء نداء عبد أدركت |
|
منه النوى لما نأت بك دارا |
تحوي بأربعها النجاء كأنما |
|
يعجلن نهبا أو يطأن جمارا |
وتعلّ بعد الظمء غمرة آجن |
|
أبدا يرشح نفسه الأطمارا |
يروي الوجوه فإن تروّى شارب |
|
منه تأوّد سكرة وخمارا |
ولعل فضلك ينثني بك طالبا |
|
برا تبذّ بفعله الأبرارا |
وأتت صروف الدهر قبل ندامة |
|
تذكي الغليل وتنجز الأقدارا |
حاشاك أن تبدي الجفاء لخلة |
|
وتعيد أقران الوفاء قصارا |
أدرك بإدراك المعرة مهجة |
|
تفنى عليك مخافة وحذارا |
أغرت نواك بها الحمام مناجزا |
|
ونجابها حسن الرجاء مرارا |
بلغت بك الهمم المراد فأيأست |
|
منك الحسود ولم تنط بك عارا |
فأقمت في الزوراء ثم غدوت في |
|
أفق المفاخر كوكبا سيّارا |
فاجنح على مرضاة ربك طالبا |
|
منه الجزاء وجانب الإصرارا |
واسلم لقومك إذ غدوت لمجدهم |
|
تاجا تشرّف فضله وسوارا |
ولما قدم من بغداد عزم على العزلة والانقضاب من العالم فكتب إلى أهل المعرة :
«بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب إلى السكن المقيم بالمعرة شملهم الله بالسعادة ،
__________________
(١) في الطبعة المصرية : ما خطت البدية عيسه.