فرجعت إلى داري وأتيته وقلت : قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري في المتوكل ، فقال : هاته ، فأنشدته :
ولو أن برد المصطفى إذ لبسته |
|
يظن لظن البرد أنك صاحبهْ |
وقال وقد أعطيته ولبسته |
|
نعم هذه أعطافه ومناكبه |
فقال : ارجع إلى منزلك وافعل ما آمرك به ، فرجعت فبعث إليّ سبعة آلاف دينار وقال : ادّخر هذه للحوادث من بعدي ولك عليّ الجراية والكفاية ما دمت حيا.
وللمتنبي في هذا المعنى :
لو تعقل الشجر التي قابلتها |
|
مدّت محيية إليك الأغصنا |
وسبقهما أبو تمام بقوله :
لو سعت بقعة لإعظام نعمى |
|
لسعى نحوها المكان الجديب |
والبيت الذي للبحتري من جملة قصيدة طويلة أحسن فيها كل الإحسان يمدح بها أبا الفضل جعفرا المتوكل على الله ويذكر خروجه لصلاة عيد الفطر ، وأولها :
أخفي هوى لك في الضلوع وأظهر |
|
وألام من كمد عليك وأعذر |
والأبيات التي يرتبط بها البيت المقدم ذكره هي :
بالبر صمت وأنت أفضل صائم |
|
وبسنة الله الرضية تفطر |
فانعم بيوم الفطر عينا إنه |
|
يوم أغر من الزمان مشهّر |
أظهرت عز الملك فيه بجحفل |
|
لجب يحاط الدين فيه وينصر |
خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت |
|
عددا يسير بها العديد الأكثر |
فالخيل تصهل والفوارس تدعي |
|
والبيض تلمع والأسنة تزهر |
والأرض خاشعة تميد بثقلها |
|
والجو معتكر الجوانب أغبر |
والشمس طالعة توقّد في الضحى |
|
طورا ويطفيها العجاج الأكدر |
حتى طلعت بضوء وجهك فانجلت |
|
تلك الدجى وانجاب ذاك العثير |
فافتنّ فيك الناظرون فإصبع |
|
يومى إليك بها وعين تنظر |