وكان بيني وبين الشهاب الشواء مودة أكيدة ومؤانسة كثيرة ، ولنا اجتماعات في مجالس نتذاكر فيها الأدب ، وأنشدني كثيرا من شعره. وما زال صاحبي منذ أواخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة إلى حين وفاته. وقبل ذلك كنت أراه قاعدا عند ابن الجبراني المذكور في موضع تصدره في جامع حلب ، وكان يكثر التمشي في الجامع أيضا على جاري عادتهم في ذلك كما يعملون في جامع دمشق ، ولم يكن بيننا إذ ذاك معرفة. وكان حسن المحاورة مليح الإيراد مع السكون والتأني.
وأول شيء أنشدني من شعره قوله :
هاتيك يا صاح ربا لعلع |
|
ناشدتك الله فعرّج معي |
وأنزل بنا بين بيوت النقا |
|
فقد غدت آهلة المربع |
حتى نطيل اليوم وقفا على الساكن أو عطفا على الموضع |
وأنشدني لنفسه أيضا :
ومهفهف عفّى الزمان بخدّه |
|
فكساه ثوبي ليله ونهاره |
لا مهّدت عذري محاسن وجهه |
|
إن غضّ عندي منه غضّ عذاره |
وكان كثيرا ما يستعمل العربية في شعره ، فمن ذلك قوله ولا أدري هل أنشدنيه أم لا ، فإنه أنشدني كثيرا من شعره ، وما ضبطت كل ما أنشدنيه ، وكذلك كل شيء أذكره بعد هذا لا أتحقق الحال في سماعي منه فأورده مهملا ، فمن ذلك قوله :
وكنا خمس عشرة في التئام |
|
على رغم الحسود بغير آفه |
فقد أصبحت تنوينا وأضحى |
|
حبيبي لا تفارقه الإضافه |
وله أيضا في غلام أرسل أحد صدغيه وعقد الآخر :
أرسل صدغا ولوى قاتلى |
|
صدغا فأعيا بهما واصفه |
فخلت ذا في خدّه حية |
|
تسعى وذا عقربة (١) واقفه |
__________________
(١) في الأصل : عقربا ، ولا يستقيم الوزن بها.