قال الذهبي : وهو خاتمة سماط أهل الحديث الإمام أعجوبة الزمان شيخنا العلامة الحافظ الناقد المحقق المفيد محدث الشام أبو الحجاج بن الزكي أبي محمد ، القضاعي الكلبي الحلبي ثم الدمشقي. مولده في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستماية. برع في طلب الحديث وله عشرون سنة. وسمع ورحل وعني بهذا الشأن فصار نسيج وحده وفريد دهره والفزع والمهرع ، وأقر له الحفاظ بذلك والتقدم على أبناء عصره. وسمع منه الحفاظ وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة ونصفا.
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة : لما باشرها لم يلها من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط الواقف منه لقول الواقف ، فإن احتج من فيه الرواية ومن فيه الدراية قدم من فيه الرواية. وكان خطه مليحا ، وهو الذي قرأ سنن ابن ماجة بحلب لانتفاع الناس به ، ومن نظر في كتاب «تهذيب الكمال» علم محله من الحفظ. وبالجملة فما رأى أحد مثله ولا رأى مثل نفسه. وكان صالحا سليم الباطن متواضعا قليل الكلام ، وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيان وابن سيد الناس وغيرهما من العلماء. وإذا نظرت في كتابه «الأطراف» عرفت علمه وقضيت بالعجب العجاب. توفي رحمهالله في صفر سنة اثنتين وأربعين وسبعماية ، وقد زرت قبره عند ابن تيميّة قدس الله سرهما. ولما توفي أراد أن يلي دار الحديث الأشرفية الحافظ الذهبي فلم يكن من ذلك لفقد شرط الواقف في اعتقاد الشيخ فيه ا ه.
وترجمه محمد بن عبد الهادي في مختصر طبقات الحفاظ فقال : شيخنا الإمام الحافظ الحجة الناقد الأوحد البارع محدث الشام جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك القضاعي الكلبي الدمشقي. ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وستمائة ، ونشأ بالمزة ظاهر دمشق ، وحفظ القرآن في صغره وقرأ شيئا من الفقه ، وتعلم العربية والتصريف واللغة ، وشرع في طلب الحديث بنفسه في سنة خمس وسبعين ، فسمع من أول شيء كتاب الحلية كله على ابن أبي الخير وأكثر عنه ، وسمع مسند الإمام أحمد والكتب الستة ومعجم الطبراني والأجزاء الطبرزدية والكندية ، وسمع صحيح مسلم من الإربلي ، وسمع من خلق كثير منهم الشيخ شمس الدين بن أبي عمر وفخر الدين بن النجاري وابن علان وابن شيبان ، ولم يزل يسمع إلى أن سمع من أصحاب ابن عبد الدايم. ورحل سنة ثلاث وثمانين فسمع من العز الحراني وأبي بكر الأنماطي وغازي الحلاوي وخلق ،