ومنها : الزيادة في الرزق كما دل عليه الخبر الأخير ، وفي معناه أخبار أخر أعرضنا عن التطويل بنقلها ، ومنها : مزيد الثواب في عباداته.
ونقل عن الشيخ في المبسوط أن من لا يشتهي النكاح يستحب له أن لا يتزوج مستدلا بقوله تعالى (١) عن يحيى «سَيِّداً وَحَصُوراً» حيث مدحه على كونه حصورا ، وهو الذي لا يشتهي النساء ، وقيل : الذي يمكنه أن يأتي ولا يفعله.
واستدل له أيضا بأن في النكاح تعريضا لتحمل الحقوق الزوجية والاشتغال عن كثير من المطالب الدينية ، وحصول الولد الصالح والزوجة الصالحة غير معلوم ، وبالذم المتبادر عن قوله تعالى (٢) «زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ» خرج منه ما أجمع على رجحانه فيبقى الباقي.
وأجيب بأن مدح يحيى بذلك لعله مختص بشرعه ، فلا يلزمنا مثله ، ورد بأن المدح في كتابنا وهو شرعنا وهو مطلق ، فلا دلالة على اختصاصه بشرعه وعلى تقدير نقله عن شرعه ففي تعديته إلى شرعنا مع نقل القرآن له وعدم الإشارة إلى نسخه دليل إلى ثبوته ، وكون شرعنا ناسخا لما قبله من الشرائع يفيد نسخ المجموع من حيث هو مجموع ، وأما الأفراد فلا ، للقطع ببقاء كثير منها في شرعنا كأكل الطيبات ونكاح الحلائل وغير ذلك ، انتهى.
أقول : لا يخفى على من راجع الأخبار وجاس خلال الديار أن المعلوم منها هو استحباب النكاح مطلقا والتأكيد فيه كما قدمنا ذكره ، وأن ما كان في الأمم السابقة من الرهبانية والتبتل بترك النكاح وغيره منسوخ في شرعنا وأن ما دلت عليه الآية المزبورة من مدح يحيى بكونه حصورا لا يأتي النساء أو لا يشتهي غير محمول عليه في شرعنا.
فمن الأخبار الدالة على ما ذكرنا بأوضح دلالة زيادة على ما تقدم ما رواه
__________________
(١ و ٢) سورة آل عمران ـ آية ٣٩ و ١٤.