وقد نظر بعض العلماء في أحكام تزويجه ومخالفته لغيره نظرا مع ما فيه أقرب مما ذكره المصنف ، فبنى الحكم بوجوب القسمة وعدمها ، على أن النكاح في حقه هل هو كالتسري في حقنا أم لا؟ من حيث النظر إلى عدم انحصار أزواجه في عدد ، وانعقاد نكاحه بلفظ الهبة ، وبغير ولي ولا شهود ، وفي الإحرام ـ كما نقل ـ أنه نكح ميمونة محرما ، وهذا يدل على الأول فلا يجب عليه القسمة ، وإن كان نكاحه على حقيقته وجبت ، والحق الرجوع في مثل ذلك إلى النص ، وترك ما هو عين النزاع ، أو مصادرة على المطلوب.
والذي يستفاد من ظاهر الآية عدم وجوب القسمة عليه مطلقا ، وفعله له جاز كونه بطريق التفضل والإنصاف وجبر القلوب ، كما قال الله تعالى (١) «ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ» والله أعلم. انتهى كلامه ، وعلت في الخلد أقدامه.
وهو جيد نفيس ، إلا أن ما نقله عن بعض العلماء ، الظاهر كونه من علماء العامة ، كما يشعر به عدا النكاح بغير ولي ولا شهود من المخالفات ، وكيف كان فهو خيال ضعيف ، وإن اعتمد عليه في الدلالة لما صار إليه.
بقي الكلام في قوله : والذي يستفاد من ظاهر الآية عدم وجوب القسمة عليه مطلقا ، وظاهره ترجيح القول الثاني من الأقوال الثلاثة المتقدمة.
وفيه أنه جيد ، بناء على التقريب الذي قدمنا ذكره في معنى الآية المتضمنة للتخيير بين الإرجاء والإيواء ، إلا أن ظاهر الروايات التي قدمنا ذكرها إن الإرجاء والإيواء إنما هو بمعنى الطلاق ، وعدم النكاح بالكلية ، وإخراجها عن الزوجية ، والإمساك بالعقد السابق ، ونكاحها وجعلها زوجة كما كانت.
قال الثقة الجليل علي بن إبراهيم القمي في تفسيره (٢) : ثم أنزل الله تعالى
__________________
(١) سورة الأحزاب ـ آية ٥١.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٢.