وظاهره في المسالك ما ذكرناه أيضا ، حيث إنه اقتصر على مجرد نقل حجج القولين ولم يرجح شيئا في البين ، إلا أنه قال : وقد تقدم في المسائل السابقة ما يؤيد الأول ، وأشار به إلى ما قدمناه أولا ، ونحوه سبطه السيد السند في شرح النافع حيث قال بعد ذكر القول الثاني : ثانيا : وهو أولى ، وإن كان الأول لا يخلو من قرب.
ووجه القوة والقرب فيه ما عرفت في غير مقام مما تقدم في الكتب المتقدمة ، أن ما ادعوه من وضع ألفاظ مخصوصة للعقود اللازمة بحيث لا يجوز تجاوزها ولا الخروج عنها مما لم يقم عليه دليل.
وإنما المستفاد من الأخبار هو كل ما أفهم المقصود ودل عليه في طرف الإيجاب كان أو القبول ، ومن الجائز أن خروج هذين اللفظين أو الثلاثة في هذا المقام إنما هو من حيث كونها هي الجارية في المحاورات ، لا من حيث الاختصاص ، ويؤيد ذلك بالروايتين المشار إليهما هنا.
هذا وما قدمنا نقله عنهم من وجوب الترتيب بتقديم الإيجاب وتأخير القبول هو أحد القولين في المسألة ، وهو المشهور بينهم ، وهو الذي صرح به الشيخ في المبسوط «العدم» (١) مدعيا عليه الإجماع ، وهو الأقوى لما عرفت من دلالة جملة من الأخبار المتقدمة عليه.
ويؤيده أيضا أن غاية ما يفهم من الأخبار هو وجوب اشتمال العقد على الإيجاب والقبول ، وأما وجوب الترتيب كما يدعونه فلا دليل عليه ، وحينئذ فيصح العقد لحصول المقتضي ، وهو العقد الجامع لشرائط الصحة.
وربما علل وجوب الترتيب بأن حقيقة القبول الرضاء بالإيجاب ، فإذا وجد قبل لم يكن قبولا ، وفيه أنه مع الإغماض عن المناقشة في عدم ثبوت الأحكام الشرعية بأمثال هذه التعليلات العقلية مسلم لو انحصر القبول في لفظ قبلت أو رضيت مثلا.
__________________
(١) أقول : قد تقدم عبارته بذلك في الحاشية المتقدمة فليلاحظ. (منه ـ قدسسره ـ).