وبالجملة فالمعتبر قصد المكلف إلى العقد ، واختلفوا في عبارة السكران الذي لا يعقل ، والمشهور بينهم أنها باطلة كما تقدم ، قلا تعتبر ، لأن شرط صحة العقد القصد إليه ، والسكران الذي بلغ من السكر حدا أزال عقله وارتفع قصده ، نكاحه باطل كغيره من عقوده ، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى.
وذهب الشيخ في النهاية إلى أنه إذا زوجت السكرى نفسها ثم أفاقت فرضيت أو دخل بها فأفاقت وأقرته كان صحيحا.
قال في الكتاب المذكور : وإذا عقدت المرأة على نفسها وهي سكرى كان العقد باطلا ، فإن أفاقت ورضيت بفعلها كان العقد ماضيا ، فإذا دخل بها الزوج حال السكر ثم أفاقت الجارية ، فأقرته كان ذلك ماضيا ، وتبعه ابن البراج.
وقال ابن إدريس : الذي يقوى عندي أن هذا العقد باطل ، فإذا كان باطلا فلا يقف على الرضاء والإجازة ، لأنه لو كان موقوفا وقف على الفسخ والإجازة.
وشيخنا قال : كان العقد باطلا ، فكيف يكون في نفسه بعد الإفاقة والرضاء ماضيا ، وأيضا العقد حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة متواترة ولا إجماع ، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار الآحاد ، انتهى ، وإلى هذا القول ذهب من تأخر عنه.
أقول : والشيخ قد عول في هذه المسألة على ما رواه هو والصدوق في الفقيه عن محمد بن إسماعيل بن بريع (١) في الصحيح قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن امرأة ابتليت بشرب النبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ثم أفاقت فأنكرت ذلك ثم ظنت أنه يلزمها ففزعت منه فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج ، إحلال هو لها ، أم التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للزوج عليها؟ فقال : إذا
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٣٩٢ ح ٤٧ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٥٩ ح ١٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٢١ ح ١.