لأصالة الصحة ، وعموم (١) «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ، فلا يلزم من بطلان أحدهما بطلان الآخر وبالغ ابن إدريس فقال : إنه لا دليل على البطلان من كتاب ولا سنة ولا إجماع ، بل الإجماع على الصحة : لأنه لم يذهب إلى البطلان أحد من أصحابنا ، وإنما هو من تخريج المخالفين وفروعهم ، واختاره الشيخ على عادته في الكتاب.
واعتمد القائلون بالبطلان ـ زيادة على ما تقدم ـ على أن التراضي لم يقع على العقد إلا مقترنا بالشرط المذكور ، فإذا لم يتم الشرط لم يصح العقد مجردا لعدم القصد إليه كذلك ، وصحة العقود مترتبة على القصود ، وبالجملة فإن الواقع غير مقصود ، والمقصود غير واقع.
أقول : قد تقدم الكلام في هذه المسألة في غير موضع ، أعني أنه متى اشتمل العقد على شرط فاسد ، فهل يصح العقد ، ويبطل الشرط خاصة ، أو يبطل العقد من أصله؟ قولان : المشهور بين المتأخرين الثاني ، وابن الجنيد وابن البراج على الأول ، ولهذا أن الشيخ هنا لم يعلل البطلان بما ذكروه.
وقد تقدم الكلام في هذه المسألة في مقدمات الكتاب المذكورة في أول جلد كتاب الطهارة ، وفي الفصل الثاني عشر في نكت متفرقة من فصول كتاب التجارة.
وقد بينا أن الأخبار في ذلك مختلفة ، فجملة منها يدل على صحة العقد وبطلان الشرط خاصة.
وبعض يدل على القول المشهور ، فالتحقيق في ذلك هو الوقوف على ما دلت عليه الأخبار في كل جزئي جزئي من الأحكام ، ومع عدم وجود نص يجب الوقوف عن الفتوى.
وأما جعل ذلك قاعدة كلية كما عليه المشهور بناء على ما ذكروه من التعليلات العقلية فهو مردود بما ذكرناه من اختلاف الأخبار في المقام ، ودلالة
__________________
(١) سورة المائدة ـ آية ١.