ورجح الثاني بالتبادر وصحة السلب ، وهذا القول مختار السيد السند في شرح النافع ، حيث قال : والظاهر أنه حقيقة في العقد ، مجاز في الوطي ، للتبادر وصحة السلب في قولهم هذا سفاح ، وليس بنكاح ، ثم نقل القول بالعكس ، ورده بأن الأصل يخرج عنه بالدليل ، قال : وقد بيناه.
والقول بأنه حقيقة في الوطي مجاز في العقد ، منقول عن العلامة في المختلف ، مدعيا عليه الإجماع ، ونقل عن الشيخ أنه نص على أن النكاح في عرف الشرع حقيقة في العقد ، مجاز في الوطي ، وتبعه ابن إدريس ، وقال : إنه لا خلاف في ذلك.
قيل : إنه لم يرد في القرآن بمعنى الوطي ، إلا في قوله عزوجل (١) «حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» لاشتراط الوطي في المحلل ، وتنظر فيه في المسالك بجواز إرادة العقد واستفادة الوطي من السنة.
ثم لا يمكن دلالته على إرادة الوطي لاحتمال الاشتراك أو كونه مجازا في الوطي والمجاز يفتقر في الحمل عليه إلى القرينة ، وهي منتفية هنا ، ومجرد اشتراط الوطي في المحلل شرعا لا يكفي في القرينة هنا.
أقول : لا يخفى أنه متى كان الحكم الشرعي في التحليل هو الوطي وأنه لا يحصل التحليل إلا به دون مجرد العقد ، فلا معنى لذكره سبحانه هنا النكاح بمعنى مجرد العقد أو الأعم ، والحال أنه قاصد به بيان ذلك الحكم ، ومن المعلوم أن سياق الآية إنما هو في بيان ذلك الحكم الشرعي وهو لا يحصل إلا بحمل النكاح على الوطي ، وبه يظهر أن ما ذكره (قدسسره) من النظر لا يخلو من نظر.
وبالجملة فإن المسألة المذكورة لا يترتب عليها كثير فائدة في المقام فلا وجه للتطويل بما وقع من النقض والإبرام.
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ٢٣٠.