بالاحتلام ونحو ذلك ، فما بالهما يضطربان في هذا المقام ويخرجان عما عليه كافة العلماء الأعلام.
وليت شعري أي حكم من أحكام الفقه قد خلا من اختلاف الأخبار ، وسلم من تصادم الآثار ، ولكن متى كان المخالف مما أعرض عنه الأصحاب ، فإنه يجب طرحه عندهم بلا ارتياب.
ولله در المحقق (رحمهالله) في أوائل كتاب المعتبر حيث قال ونعم ما قال : أفرط الحشوية في العمل بخبر الواحد حتى انقادوا لكل خبر ، وما فطنوا ما تحته من التناقض ، فإن من جملة الأخبار قول النبي صلىاللهعليهوآله (١) «ستكثر بعدي القالة على». ـ إلى أن قال ـ : واقتصر بعض عن هذا الإفراط فقال : كل سليم السند يعمل به.
وما علم أن الكاذب قد يصدق ، والفاسق قد يصدق ، ولم يتنبه إلى أن ذلك طعن في علماء الشيعة ، وقدح في المذهب ، إذ لا مصنف إلا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر الواحد المعدل ، ـ إلى أن قال ـ : وكل هذه الأقوال منحرفة عن السنن ، والتوسط أقرب ، فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به وما أعرض الأصحاب عنه أو شذ يجب إطراحه. انتهى وهو قوي متين وجوهر ثمين ، وأنت قد عرفت أن هذه الأخبار التي استشكلوا بسببها لم يذهب إليها ذاهب.
وما توهمه صاحب الكفاية ـ من أن نقل الصدوق لها في كتابه يؤذن بقوله بها بناء على ما ذكره من القاعدة في صدر كتابه ـ مردود بما بيناه في شرحنا على الكتاب المذكور من المواضع العديدة الخارجة عن هذه القاعدة الموجبة للتناقض في كلامه لو أريد بها ظاهرها ، وهو هنا أظهر ظاهر أيضا ، فإنه روى فيه رواية السنة ورواية السنتين ، والتناقض بينهما ظاهر.
__________________
(١) ما عثرنا على قوله صلىاللهعليهوآله بعد التتبع في مظانه.