إنما هو صيرورة أولاد الفحل أو المرضعة بمنزلة أولاد أب المرتضع ، وأما صيرورة أولاد أب المرتضع بمنزلة أولاد الفحل في التحريم عليه فليس في الروايات إشعار به بوجه ولا دلالة لها عليه بنوع بالكلية ، وكيف يكون داخلا في العلة المنصوصة.
وقد عرفت مما تقدم في كلام شيخنا الشهيد الثاني أن العمل بالعلة المنصوصة يقتضي وجود تلك العلة في المعدى إليه ، مثلا قول الشارع حرمت الخمرة لاسكارها فمتى قلنا بالعمل بمنصوص العلة ، فإنه لا بد من حصول الإسكار في الفرد المعدى ليتعدى التحريم إليه ، والعلة التي في الفرع هنا وهي نكاح الفحل في إخوة المرتضع بلبنه ليست هي التي في الأصل كما عرفت.
و (ثانيا) أنه أي فرق بين هذه الصورة وبين سابقتها حيث يختار الجواز هناك ، وينفي دلالة النصوص على حكم تلك الصورتين ، ويرجح التحريم هنا فإنه إن وقف على ظاهر النص فمورده إنما هو هذا الفرد الخاص ، وهو نكاح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ، وإن تعدى عنه بالنظر إلى ما يتخيل من ظاهر التعليل وإجراء حكمه في اللازم والمشابه ونحوهما فلا معنى لمنعه هناك الجواز ، وإلزامه للشهيد في المسألة الثانية بالقول بالقياس فإن الأمر في الجميع واحد.
بل ربما يقال : بأن إجراء حكم التعليل في المسألة الثالثة التي منع فيها حصول اللزوم بالكلية أظهر منه في هذه المسألة ، وذلك لأن البنوة من حيث هي مستلزمة لإخوة من شارك فيها ، فبنوة أولاد الفحل لأب المرتضع مستلزم لإخوة بعضهم ببعض ، بخلاف ما هنا ، فإن كون أولاد الفحل بمنزلة أولاد أب المرتضع لا يستلزم العكس ، لأنه لا ملازمة بالمرة كما لا يخفى.
ونحن إنما ضربنا صفحا عن الاخوة ، ولم نرتب عليها هناك حكما شرعيا وإن كان لزومها ظاهرا من حيث إن الأحكام الشرعية لا تبنى على اللزومات العقلية والمناسبات الذوقية ، بل ولا على جهات الأولوية ، بل المدار إنما هو على صريح