لا يقال : كما أن الأصل عدم التقدم فكذا الأصل عدم التأخر ، لأنا نقول هو كذلك ، إلا أن الأصل حصل بطريق آخر ، وهو أن التقدم يقتضي تحقق الرضاع في أزمنة تزيد على أزمنة تأخره ، والأصل عدم الزيادة وإن وجد هذا الأصل مع أصل الإباحة قوى جانبه به.
و (ثالثها) قوله تعالى (١) «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ» بعد قوله تعالى «وَأُمَّهاتُكُمُ اللّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ» فإن المراد ـ والله أعلم ـ اللاتي أرضعنكم الرضاع المحكوم به شرعا وقوعه في الحولين ، لأن ذلك يشترط قطعا ، وليس محكوما بكون الرضاع في محل النزاع واقعا في الحولين لتقابل الأصلين المتقدمين ، فيندرج التنازع في حل نكاحها في عموم قوله «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ».
قال المحقق الشيخ علي في شرح القواعد : وهو من أبين المرجحات ثم قال وقد يقال : يرجح التحريم بأنه إذا تعارض الناقل والمقرر رجح الناقل ولأن التأسيس خير ، ولأنه «إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرم».
وضعفه ظاهر ، لأن ترجيح الناقل في النصوص من حيث اشتماله على زيادة لا ينافيها الأخر ، أما في الأصلين كما هنا فهو غير واضح ، وإنما يغلب الحرام الحلال إذا ثبت التحريم شرعا ، كما لو اشتبهت محرمة بأجنبية. انتهى.
المورد السابع : في جملة من الأحكام المتفرقة ونظمها يقع في مسائل.
الأولى : قال العلامة وجمع من الأصحاب إنه لو تزوج بنت الأخ أو الأخت على العمة أو الخالة من الرضاع ، فإن كان بإذنهما صح قولا واحدا وإلا بطل.
وقيل : يقع موقوفا على الإجازة ، والظاهر الأول للنهي الوارد في صحيحة أبي عبيدة الحذاء (٢) قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا تنكح المرأة على عمتها
__________________
(١) سورة النساء ـ آية ٢٤.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٤٤٥ ح ١١ ، التهذيب ج ٧ ص ٢٩٢ ح ٦٥ ، الفقيه ج ٣ ص ٢٦٠ ح ٢١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٠٤ ح ١.