أقول : لا يخفى أنه حيث لحظ (قدسسره) هنا إشكالا فيما ذهبوا إليه ، من التخصيص بالوجه والكفين ، أراد التفصي في الخروج عنه ، ودفعه بهذه الوجوه التي ذكرها ، وهي لا تسمن ولا تغني من جوع ، كما لا يخفى على من له الإنصاف بأدنى رجوع.
وذلك فإن وجه الإشكال الذي ألجأه إلى هذا المقال هو أنه إذا ثبت شرعا ، أنه يجوز النظر إلى وجه الأجنبية وكفيها ، وإن لم يرد تزويجها ، فأي وجه للاقتصار عليهما في هذه المسألة ، وتعليل ذلك في الأخبار ، بأنه مستام ، وأنه بمنزلة المشتري لها.
وأنت خبير بأنه لا وجه للفرق بين المقامين إلا على ما اخترناه من جواز النظر مطلقا ، من غير تخصيص بما ادعوه من الوجه والكفين ، إذ مع التخصيص بهما فإنه لا وجه لهذه التعليلات المتكررة في الأخبار بأنه مستام ، وأنه يريد أن يشتريها ، وأنه يشتري بأغلى الثمن.
وأما الفروق التي ذكرها فإنه لا وجود لها في الأخبار ، وإنما هي من كلامهم ، ونحن إنما نتكلم بناء على ما دلت عليه الأخبار.
وأما الفرق الأول ـ الذي ذكره من أن جواز النظر للأجنبية موضع خلاف وهنا موضع وفاق ، ففيه أن الكلام ليس مبنيا على الخلاف هنا والوفاق ، وإنما هو مبني على دلالة الأخبار ، في الأجنبية على جواز النظر للوجه والكفين ، فإذا جاز ذلك بمقتضى هذه الأخبار ، فأي معنى لهذه التعليلات في هذه الأخبار المذكورة ، مع أنه جائز مطلقا.
وأما الفرق الثاني : ففيه أيضا أن رواية عبد الله بن الفضل قد قيد نفي البأس بما لم يكن متلذذا ، وبها يقيد إطلاق غيرها ، وحينئذ فيستوي الأمران ، واشتراط عدم خوف الفتنة ، وما نقله عن التذكرة ، فهو مردود بالخبر المذكور.