والعامة «فاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما يؤذيها» (١).
ولو قيل : إن لفظ «لا يحل» قد ورد في مواضع عديدة بمعنى الكراهة ، فلا يكون نصا في التحريم لما رواه الكليني والصدوق (٢) «عطر الله مرقديهما» عنه صلىاللهعليهوآله «قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تدع عانتها فوق عشرين يوما». مع أن ذلك غير واجب بالإجماع.
وحينئذ فيمكن حمل الخبر المذكور على ذلك ، وإذا قام الاحتمال بطل الاستدلال كما ذكروه ، ولفظ «المشقة» لا يستلزم الإيذاء ، وحينئذ فلا ينهض الخبر دليلا على التحريم.
قلنا : لا يخفى عن الفطن ـ اللبيت والموفق المصيب ومن أخذ القواعد الشرعية والضوابط المرعية بأدنى نصيب ـ أن الواجب هو حمل الألفاظ على حقائقها متى أطلقت ، وإنما تحمل على مجازاتها بالقرائن الحالية أو المقالية لا بمجرد التخرص والتخمين ، إذ لو ساغ ذلك لبطلت جملة القواعد الشرعية ، واختلت تلك الأحكام النبوية ، ومن الظاهر لمتتبع الأحكام أن لفظ «لا يحل» من الألفاظ الصريحة في التحريم حيثما يطلق إلا مع قرينة خلافه.
ومن أمثلته القرآنية قوله تعالى «لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً (٣)» وقوله «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» (٤) وقوله «فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ» (٥) وقوله «لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» (٦).
__________________
(١) العلل ص ١٨٦ طبع النجف الأشرف؟ اما الأحاديث العامة فراجع الغدير ج ٧ ص ٢٣١.
(٢) الكافي ج ٦ ص ٥٠٦ ح ١١ ، الفقيه ج ١ ص ٦٧ ح ٣٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٣٩ ح ١.
(٣) سورة النساء ـ آية ١٩.
(٤) سورة الأحزاب ـ آية ٥٢.
(٥) سورة البقرة ـ آية ٢٣٠.
(٦) سورة الممتحنة ـ آية ١٠.