متقدمي العلماء الأعلام ، كما صرح به جملة من محققي أصحابنا ، وإن ادعاه شذوذ منهم.
نعم المشهور بينهم اشتراط عدم مخالفة الإجماع على ما عرفت فيه من عدم ما يوجب الالتفات إليه والسماع ، وكيف ولو تم هذا الشرط لما اتسعت دائرة الخلاف وتعدد الأقوال في المسائل الشرعية على ما هي عليه الآن ، كما لا يخفى على ذوي الإنصاف ، حتى أنك لا تجد حكما من الأحكام إلا وقد تعددت فيه أقوالهم كما لا يخفى على من راجع كتاب المختلف ، وهذه الأقوال كلها تجددت بتجدد العلماء عصرا بعد عصر.
وقد نقل بعض مشايخنا (رضوان الله عليهم) انحصار الفتوى زمن الشيخ (رحمة الله عليه) فيه ، وكذا ما بعد زمانه ولم يبق إلا حاك عنه وناقل ، حتى انتهت النوبة إلى ابن إدريس ففتح باب الطعن على الشيخ والخلاف له ، ثم اتسع الباب وانتشر الخلاف ، فإذا كان الأمر كذلك فكيف استجاز هذا القائل المنع من الفتوى بشيء لم يتعرض له الأصحاب نفيا ولا إثباتا إذا قام الدليل الشرعي عليه ، هذا.
وممن جرى على هذا المنوال الذي جرينا عليه في هذا المقال المحدث الكاشاني (قدسسره) فإنه صرح في المفاتيح بتحريم كتابة القرآن على المحدث لصحيحة علي بن جعفر أن أخيه (١) موسى عليهالسلام «أنه سأله عن الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال : لا».
مع اعترافه بأنه لم يجد به قائلا ، وهذه الرواية التي أفتى بمضمونها وأعتمد عليها بمرأى ومنظر من العلماء قبله ، مع أنه لم يصرح أحد بما دلت عليه ولم يقل بما دلت عليه قائل ، ولم ير ما ذكره هذا القائل مانعا له عن القول بما دلت عليه ، ولا موجبا للطعن على القائل المذكور بما ذهب إليه.
وهذا المحدث الأمين الأسترآبادي (عطر الله مرقده) في حواشيه على
__________________
(١) البحار ج ١٠ ص ٢٧٧ ط جديد ، التهذيب ج ١ ص ١٢٧ ح ٣٦ ، الوسائل ج ١ ص ٢٧٠ ح ٤.