مع الجهل وهو جمع حسن لا يعتريه الاشكال ، سيما مع تأيده بالإجماع المدعى في المقام كما عرفت ، والرواية الثانية المنقولة من كتاب الحسين بن سعيد.
وبذلك يظهر ضعف مناقشة صاحب المسالك وسبطه السيد السند في هذا المقام من حيث ضعف رواية زرارة وداود بن سرحان مع أنهما في غير موضع قد عملا بالأخبار الضعيفة من حيث جبرها بالشهرة ، وقد عرفت دعوى الإجماع هنا وعدم ظهور المخالف ، ويظهر من صاحب المسالك أنه ليس في هذا الباب من الأخبار إلا رواية زرارة المذكورة ، ونقل عن ابن إدريس والشيخ فخر الدين بن العلامة أنهما أطلقا التحريم مع العلم ومع الدخول في صورة الجهل.
ولا بأس بنقل كلامه ليظهر لك ما في نقضه وإبرامه ، قال (قدسسره) ـ بعد ذكر عبارة المصنف الدالة على الحكم بالتحريم المؤبد مع العلم وعدمه مع الجهل ـ ما لفظه : هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ومستنده رواية زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام ومن جملتها أن «المحرم إذا تزوج وهو يعلم أنه حرام عليه لا تحل له أبدا».
وهي دالة بإطلاقها على التحريم مع العلم وان لم يدخل ، ومفهومها على عدم التحريم مع عدمه وإن دخل ، ويعتضد المفهوم بالأصل فيقوي من ضعفه ، وإنما الكلام في حالة العلم لضعف الرواية إلا أنه لا قائل بعدم التحريم مطلقا وإن اختلفت كلماتهم في الشرط ، فإن الأكثرين اعتبروا ما ذكره المصنف.
ومنهم من اقتصر على حال العلم كالمفيد (رحمة الله عليه) (١) وقوفا مع الرواية
__________________
(١) أقول : صورة عبارة الشيخ المفيد (رحمهالله) على ما نقله في المختلف : ومن عقد على امرأة وهو محرم مع العلم بالنهي عن ذلك فرق بينهما ولم تحل له أبدا ، انتهى. وهي وان لم تدل على الجهل ولا الدخول ، لكنها تدل من حيث المفهوم على ما ذكره الشيخ من عدم التحريم مع الجهل وان دخل ، وحينئذ فلا يعد ذلك قولا مخالفا كما لا يخفى.
(منه ـ قدسسره ـ).