وتمام تحقيق القول في المقام يتوقف على رسم فوائد الأولى : قد عرفت من كلام ابن إدريس أنه بالإفضاء لا يخرج عن الزوجية ، وإنما يحرم عليه وطؤها مؤبدا وإن كانت زوجته ، ومن كلام ابن حمزة أنه صريح في الخروج عن الزوجية كما هو ظاهر الخبر الثاني.
وأيد هذا القول جملة من المتأخرين منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك والمحقق الثاني في شرح القواعد بأن التحريم المؤبد ينافي مقتضى النكاح إذ ثمرته حل الاستمتاع ، ولأنه يمنع النكاح سابقا فيقطعه لاحقا ، كالرضاع واللعان والقذف للزوجة الصماء والخرساء.
ومن أجل ذلك توقف العلامة في المختلف في هذا المقام وتبعه الفاضلان المتقدمان ، فقال في المسالك ـ بعد ذكر ما ذكرناه ، وأن الحكم بالبينونة هو الظاهر من مرسلة يعقوب بن يزيد ، وعدمه هو الظاهر من رواية بريد بن معاوية ـ ما لفظه : والطريق فيهما مظلم فيبنغي التوقف فيه ، وقال المحقق الثاني : وتوقف المصنف في المختلف لعدم الظفر بقاطع من الجانبين ، وقول ابن حمزة ليس ببعيد والتوقف طريق السلامة. انتهى.
أقول : لا ريب أن ما ذكروه من الوجه الاعتباري ـ وهو أنه كما يمنع التحريم من النكاح سابقا كذا يبطله لاحقا ـ جيد ، إلا أنك قد عرفت اتفاق حسنة بكير وإن كانوا لم يذكروها في هذا المقام ، ورواية بريد على بقاء الزوجية ، وهما صريحتان في ذلك مع تأيدهما بالاستصحاب ، وهو هنا حجة شرعية لأنه عبارة عن وجوب العمل بمقتضي العقد السابق حتى يثبت المخرج عنه ، ومرسلة يعقوب ابن يزيد وإن كان ظاهرها ما ذكروه ، إلا أن تأويلها بالحمل على التفريق والتحريم المؤبد في النكاح خاصة جمعا بين الأخبار قريب جدا.
وما ذكروه من التقريب الاعتباري وإن كان جيدا إلا أنه من الجائز ـ بعد دلالة الخبرين المذكورين على خلافه ـ أن يكون ذلك عقوبة له ومؤاخذة له