وحمل هذا الخبر في الاستبصار على الاحتياط ، أو أنها تتنقب ، وتظهر للشهود ، الذين يعرفونها أنها فلانة.
وربما أشعر هذان الخبران ، بعدم جواز كشف الوجه ، إلا من حيث ضرورة الإشهاد ، وهو خلاف ما دلت عليه الأخبار المتقدمة ، المتأيدة بعمل الأصحاب ، إلا أن يحملا على اختيار النساء يومئذ التستر ، وإن جاز لهن الاسفار.
ومنها أن تكون المنظورة صغيرة ، ليست مظنة الشهوة ، فإنه يجوز النظر إليها أو عجوزا مسنة ، تكون من جملة (١) «الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً ، فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ» الآية.
ومنها أن يكون الناظر صغيرا غير مميز ، بالنسبة إلى نظر المرأة ، ومرجعه من لم يبلغ مبلغا ، بحيث يصلح لأن يحكى ما يرى وإليه يشير قوله سبحانه (٢) «أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ».
وأما لو كان مميزا ، بحيث يترتب على نظره ، ثوران الشهوة أو التشوق ، فهو عند الأصحاب كالبالغ فيجب على الولي ، منعه من النظر ، وعلى المرأة الأجنبية ، الاستتار منه وإن كان مميزا الا على الوجه المذكور ، فقولان : للجواز ، لأن أمر من لم يبلغ الحلم ، بالاستيذان في تلك الأوقات الثلاثة ، التي هي مظنة التكشف والتبذل ، دون غيرها ، مشعر بالجواز ، فإن ظاهره أن جواز الدخول من غير استيذان في غير تلك الأوقات ، لا يكون إلا مع جواز النظر ، وإلا لو كان النظر محرما ، لأمر بالاستيذان ، ولم يجز له الدخول ، إلا بعده ، ليأخذوا الأهبة في التستر ، فإن المتبادر من الأمر له ، بالاستيذان إنما هو لأجل ذلك.
وللمنع ـ لعموم قوله تعالى «أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ» فيدخل غيره في النهي ، عن إبداء الزينة له ، قال : في المسالك : وهذا أقوى ، ثم
__________________
(١) سورة النور ـ آية ٦٠ و ٣١.