والحمق نقصان في العقل ، وهو يرجع إلى المعنى الأول الذي نقله في كتاب مجمع البيان عن أبي عبد الله عليهالسلام.
وإنما قيده بكونه مولى عليه ، لنقصان عقله ، ولكن لا بد من تقييده بمن ذكر في هذه الروايات بأنه لا يأتي النساء ، أي ليس له شهوة ، توجب إتيانه النساء ، وإلا فمجرد كونه ناقص العقل وأبلها مع حبه لإتيان النساء وتلذذه بذلك فإنه لا يكون داخلا في الفرد المستثنى ، والغالب فيمن لا يشتهي إتيان النساء ، إنما هو الخصي والعنين ، والمراد هنا ما هو أعم منهما ،
بقي الإشكال هنا في أن الخبر الأول من الأخبار التي نقلناها قد تضمن جعل الأحمق الذي لا يأتي النساء ، تفسيرا للتابعين غير اولي الإربة وهو الظاهر الذي بنى عليه الحكم المذكور.
والخبران الآخران قد تضمنا جعله تفسيرا لاولي الإربة ، وهو غير مستقيم على ظاهره ، لأنهما قد تضمنا السؤال عن اولي الإربة ، واولى الإربة كما عرفت يعني أصحاب الحاجة إلى النكاح ، والجواب قد وقع بأنه الأحمق الذي لا يأتي النساء وهذا إنما هو غير اولي الإربة ، لا اولي الإربة.
اللهمّ إلا أن يكون الجواب وقع تنبيها على أن الأولى هو السؤال عن غير اولي الإربة ، فإنه هو المحتاج إلى التفسير والبيان ، فأجيب بناء على ذلك ، ومثله في القرآن كثير (١).
ومنها ما رواه في الكافي عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عن أبيه
__________________
(١) ومنه قوله عزوجل «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ» فإنهم سألوا عن السبب في اختلاف القمر في زيادة النور ونقصانه ، حيث قالوا : ما بال الهلال يبدو رقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى ينجلي بمثل ويستوى ثم لا يزال ينقض من بعده كما بدء ، فأجيبوا بالغرض من هذا الاختلاف ، وهو ان الأهلة حسب ذلك الاختلاف معالم يوقت بها الناس أمورهم من المزارع والمتاجر والديون والصوم ونحو ذلك ، فقد سألوا عن السبب وأجيبوا بالغرض من ذلك ، فإنه هو الأنسب بالسؤال عنه ، ومن ذلك قوله تعالى