قال جابر : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : جاورت بحراء فلمّا قضيت جواري أقبلت في بطن الوادي ، فنادى منادي ، فنظرت عن يميني وشمالي وخلفي فلم أر شيئا ، فنظرت فوقي فإذا جبريل جالس على عرش بين السّماء والأرض فجئثت منه فأقبلت إلى خديجة فقلت : دثّروني دثّروني ، فدثّروني وصبّوا عليّ ماء باردا ، فأنزل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) [١]
* * *
__________________
ـ والحديث أخرجه الشيخان في صحيحيهما كما سبق ، وانظر «رقم ٦٥١ ، ٦٥٢» ، وأشار إليه الترمذي «رقم ٣٣٢٥» ، كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر ـ به ، وكذا أخرجه الطبري (٢٩ / ٩٠) وغيره.
[فائدة] : قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٨ / ٦٧٨) وغير ما موضع : «... رواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر تدل على أن المراد بالأولية في قوله (أول ما نزل سورة المدثر) أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي أو مخصوصة بالإنذار ، لا أن المراد أنها أولية مطلقة ، فكأن من قال أول ما نزل (اقرأ ...) أراد أولية مطلقة ، ومن قال إنها المدثر أراد بقيد التصريح بالإرسال». وقوله بالإرسال : يعني إرسال النبي وتبليغه رسالة ربه.
وقال الحافظ ابن كثير فى تفسيره (٤ / ٤٤١) بعد أن ذكر رواية البخاري : «وهذا السياق هو المحفوظ وهو يقتضي أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله : (فإذا الملك الذي كان بحراء) وهو جبريل حين أتاه بقوله (اقرأ باسم ربك الذي خلق ...) ثم إنه حصل بعد هذا فترة ثم نزل الملك بعد هذا ، ووجه الجمع أن أول شيء نزل بعد فترة الوحي هذه السورة». يعني المدثر.