س ٥٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٦٤) [البقرة : ٦٤]؟!
الجواب / قال الإمام العسكري عليهالسلام : قال الله عزوجل : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ) يعني تولّى أسلافكم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عن القيام به ، والوفاء بما عاهدوا عليه (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) يعني على أسلافكم ، لو لا فضل الله عليهم بإمهاله إيّاهم للتوبة ، وإنظارهم لمحو الخطيئة بالإنابة (لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) المغبونين ، قد خسرتم الآخرة والدنيا ، لأنّ الآخرة فسدت عليكم بكفركم ، والدنيا كان لا يحصل لكم نعيمها لاخترامنا (١) لكم ، وتبقى عليكم حسرات نفوسكم وأمانيكم التي اقتطعتم دونها ، ولكنّا أمهلناكم للتوبة ، وأنظرناكم للإنابة ، أي فعلنا ذلك بأسلافكم ، فتاب من تاب منهم ، فسعد ، وخرج من صلبه من قدّر أن تخرج منه الذرّية الطيّبة التي تطيب في الدنيا بالله معيشتها ، وتشرف في الآخرة بطاعة الله مرتبتها.
قال الحسين بن عليّ عليهالسلام : أما إنّهم لو كانوا دعوا الله بمحمّد وآله الطيّبين بصدق من نيّاتهم ، وصحّة اعتقادهم من قلوبهم ، أن يعصمهم حتى لا يعاندوه بعد مشاهدة تلك المعجزات الباهرات ، لفعل ذلك بجوده وكرمه ، ولكنّهم قصّروا وآثروا الهوى بنا ، ومضوا مع الهوى في طلب لذّاتهم (٢).
__________________
(١) اخترمهم الدهر : أي اقتطعهم واستأصلهم. «الصحاح ـ خرم ـ ٥ : ١٩١٠».
(٢) نفس المصدر السابق : ص ٢٦٦ ، ح ١٣٦.