عترته لمختلفون ، وإن سئل هذا عن غير ما يعلم أفتى برأيه ، فقد أبعدتم ، وتخارستم ، وزعمتم أنّ الخلاف رحمة ، هيهات ، أبى الكتاب ذلك عليكم ، يقول الله تعالى جدّه ـ العظمة ـ : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
ثمّ أخبرنا باختلافكم ، فقال سبحانه : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)(١).
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : يا عليّ ، أنت وشيعتك على الفطرة والناس منها براء. فهلّا قبلتم من نبيّكم ، كيف وهو خبّركم بانتكاصتكم عن وصيّه عليّ ابن أبي طالب وأمينه ، ووزيره ، وأخيه ، ووليّه دونكم أجمعين! وأطهركم قلبا ، وأقدمكم سلما ، وأعظمكم وغيا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أعطاه تراثه ، وأوصاه بعداته ، فاستخلفه على أمّته ، ووضع عنده سرّه ، فهو وليّه دونكم أجمعين ، وأحقّ به منكم أكتعين ـ أي كلكم ـ سيّد الوصيّين ، ووصيّ خاتم المرسلين ، أفضل المتّقين ، وأطوع الأمّة لربّ العالمين ، سلّمتم عليه بإمرة المؤمنين في حياة سيّد النبيّين ، وخاتم المرسلين ، فقد أعذر من أنذر ، وأدّى النصيحة من وعظ ، وبصر من عمى ، فقد سمعتم ما سمعنا ، ورأيتم كما رأينا ، وشهدتم كما شهدنا» (٢).
س ٩٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (١٠٦) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١٠٧) [آل عمران : ١٠٦ ـ ١٠٧]؟!
الجواب / قال أبو ذرّ (رحمهالله) : لمّا نزلت هذه الآية : (يَوْمَ تَبْيَضُ
__________________
(١) هود : ١١٨ ـ ١١٩.
(٢) الاحتجاج : ج ١ ، ص ١١٤.