الله إبراهيم وإسماعيل ، وجعل من ذرّيّتهم أمّة مسلمة ، وبعث فيها رسولا منها ـ يعني من تلك الأمّة (١) ـ يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، ردف إبراهيم عليهالسلام دعوته الأولى بدعوته الأخرى ، فسأل لهم تطهيرا من الشّرك ومن عبادة الأصنام ، ليصحّ أمره فيهم ، ولا يتّبعوا غيرهم ، فقال : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٢) ففي هذه دلالة على أنّه لا تكون الأئمّة والأمّة المسلمة التي بعث فيها محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا من ذريّة إبراهيم عليهالسلام ، لقوله : (اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)(٣).
س ١٠٧ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٣٢) [البقرة : ١٣٠ ـ ١٣٢]؟!
الجواب / قال الصادق عليهالسلام ـ في حديث له [ذكر فيه الكلمات التي ابتلى الله بهنّ إبراهيم عليهالسلام] : «ثمّ استجابة الله دعوته حين قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى)(٤) وهذه آية متشابهة ، ومعناها أنّه سأل عن الكيفيّة ، والكيفيّة من فعل الله عزوجل ، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ، ولا
__________________
(١) قال علي بن إبراهيم : يعني من ولد إسماعيل عليهالسلام ، فلذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا دعوة أبي إبراهيم عليهالسلام» (تفسير القمي : ج ١ ، ص ٦٢).
(٢) إبراهيم : ٣٥ ـ ٣٦.
(٣) تفسير العياشي : ج ١ ، ص ٦٠ ، ح ١٠١.
(٤) البقرة : ٢٦٠.