س ٦٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨٢) [البقرة : ٨٠ ـ ٨٢]؟!
الجواب / قال الإمام العسكري عليهالسلام : «قال الله عزوجل : (وَقالُوا) يعني اليهود المصرّون للشقاوة ، المظهرون للإيمان ، المسرّون للنفاق ، المدبّرون على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذويه بما يظنّون أن فيه عطبهم : (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) وذلك أنّه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من المسلمين ، يسترون كفرهم عن محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحبه ، وإن كانوا به عارفين ، صيانة لهم لأرحامهم وأصهارهم.
قال لهم هؤلاء : لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنّكم به عند الله مسخوط عليكم معذّبون؟
أجابهم هؤلاء اليهود : بأنّ مدّة ذلك العقاب الذي نعذّب به لهذه الذنوب (أَيَّاماً مَعْدُودَةً) تنقضي ، ثمّ نصير بعد في النعمة في الجنان ، فلا نتعجّل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيّام ذنوبنا ، فإنّها تفنى وتنقضي ، ونكون قد حصّلنا لذّات الحريّة من الخدمة ، ولذّات نعم الدنيا ، ثمّ لا نبالي بما يصيبنا بعد ، فإنّه إذا لم يكن دائما فكأنّه قد فنى.
فقال الله عزوجل : (قُلْ) يا محمّد ؛ (أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً) أنّ عذابكم على كفركم بمحمّد ودفعك لآياته في نفسه ، وفي عليّ وسائر خلفائه وأوليائه ، منقطع غير دائم؟ بل ما هو إلّا عذاب دائم لا نفاد له ، فلا تجترئوا على الآثام والقبائح من الكفر بالله وبرسوله وبوليّه المنصوب بعده على أمّته ،