وقال أبو جعفر عليهالسلام : «الفتنة هنا هنا : الشرك» (١).
س ١٨٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١٨) [البقرة : ٢١٨]؟!
الجواب / أقول : الآية تتصدّى للجواب عن الأسئلة المرتبطة بالجهاد في الأشهر الحرم. القرآن يعلن صراحة حرمة القتال في هذه الأشهر ، ويعتبره من الكبائر ، لكنّه يعلن أنّ المشركين لا يحقّ لهم أن يلوموا ويعيّروا المسلمين لخطأ صدر عنهم بقتل عمرو بن الحضرمي في الأشهر الحرم ، لأنّ هؤلاء المشركين يرتكبون أكبر من ذلك بكفرهم بالله وصدّهم الناس عن الاهتداء إلى سبيل الله ، وإخراج المؤمنين من حرم مكّة وانتهاكهم هذا الحرم الآمن ، وعملهم هذا «فتنة» أي تلويث للجوّ الاجتماعي بالكفر والطغيان ، (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ).
ثم تخاطب الآية المسلمين لتوضّح لهم حقيقة المشاعر التي تكنّها جبهة الكفر تجاه المسلمين ، هذه الجبهة التي تعترض اليوم لمقتل شخص واحد في غير الوقت المناسب ، تودّ أن تذبح المؤمنين حتى يرتدّوا عن دينهم.
(وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا).
وتحذّر الآية بعد ذلك المسلمين من الارتداد ، لأنّ ذلك يبطل كلّ ما قدّمه الفرد من عمل صالح وبذلك يستحقّ العذاب الأبدي.
والآية التالية تشير إلى أنّ المؤمنين المجاهدين قد يرتكبون خطأ على أثر جهلهم أو عدم اطّلاعهم التامّ على مسألة من المسائل ـ كما صدر عن عبد الله
__________________
(١) نهج البيان (مخطوط) : ج ١ ، ص ٥٢.