وكيف لا يكون له من الأمر شيء ، وقد فوّض الله إليه أن جعل ما أحلّ فهو حلال ، وما حرّم فهو حرام ، قوله : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(١)(٢).
س ١٠٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٢٩) [آل عمران : ١٢٩]؟!
الجواب / أقول : هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تأكيد لمفاد الآية السابقة فيكون المعنى هو : أن العفو أو المجازاة ليس بيد النبي بل هو الله الذي بيده كل ما في السماوات وكل ما في الأرض فهو الحاكم المطلق لأنه هو الخالق فله الملك وله التدبير ، وعلى هذا الأساس فإن له أن يغفر لمن يشاء من المذنبين ، أو يعذب ، حسب ما تقتضيه الحكمة لأن مشيئته تطابق الحكمة : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ).
ثم أنه سبحانه يختم الآية بقوله : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تنبيها إلى أنه وإن كان شديد العذاب ، إلا أن رحمته سبقت غضبه فهو غفور رحيم قبل أن يكون شديد العقاب والعذاب.
وهنا يحسن بنا أن نشير إلى ملخص ما ذكره أحد كبار العلماء المفسرين الإسلاميين وهو العلامة الطبرسي من سؤال وجواب حول هذه الآية ، لكونه على اختصاره في غاية الأهمية من الناحية الاعتقادية ، فقد ذكر في ذيل هذه الآية أنه : سئل بعض العلماء كيف يعذب الله عباده بالإجرام مع سعة رحمته؟
__________________
(١) الحشر : ٧.
(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ١٩٧ ، ح ١٣٩ ، الاختصاص : ٣٣٢ نفس المعنى.