س ١٢٣ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (١٤٩) [البقرة : ١٤٩]؟!
الجواب / أقول هذه الآية تتابع الحديث عن مسألة تغيير القبلة ونتائجها. الآية في البداية تأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقول : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ ...) من أية مدينة وأية ديار (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). ولمزيد من التأكيد تقول الآية : (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ).
وتنتهي الآية بتهديد المتآمرين : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
هذه التأكيدات المتوالية في الآية وفي الآية التالية تبين أن مسألة تغيير القبلة كانت صعبة وثقيلة على مجموعة من المسلمين حديثي العهد بالإسلام ، كما كانت ذريعة بيد أعداء الإسلام اللجوجين لبثّ سمومهم.
مثل هذه الحالة تتطلب دائما موقفا قاطعا حاسما ينهي كل شك وريبة ، من هنا توالت التأكيدات القرآنية القارعة ، لتبعث العزم واليقين في نفوس الأتباع ، وتعمق اليأس والخيبة بين الأعداء. وهذا أسلوب اتبعه القرآن في مواقف عديدة.
إضافة إلى ما سبق ، فالتكرار في هذه الآيات يتضمن أيضا أحكاما جديدة. على سبيل المثال ، الآيات السابقة وضحت حكم القبلة في المدينة التي يسكنها المسلمون. وهذه الآية والآية التالية أوضحت الحكم لدى السفر والخروج من المدن والديار.
الآية التالية كررت الحكم العام بشأن التوجه إلى المسجد الحرام في أي مكان : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ).
صحيح أن هذه العبارة القرآنية تخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكنها تقصد دون شك