س ١٨٥ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٢١٥) [البقرة : ٢١٥]؟!
الجواب / أقول : يتعرّض القرآن الكريم في آيات عديدة إلى الإنفاق والبذل في سبيل الله ، والله سبحانه حثّ المسلمين بطرق عديدة على الإنفاق وعلى الأخذ بيد الضعفاء ، وهذه الآية تتناول مسألة الإنفاق من جانب آخر ، فثمة سائل عن نوع المال الذي ينفقه ، ولذلك جاء تعبير الآية بهذا الشكل (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ).
وفي الجواب بيّنت الآية نوع الإنفاق ثم تطرّقت أيضا إلى الأشخاص المستحقّين للنفقة ، وسبب نزول الآية [هو (عمرو بن الجموح) شيخ ثريّ سأل رسول الله عمّ ينفق ولمن يعطي؟ فنزلت الآية] ـ يبيّن أنّ السؤال اتّجه إلى معرفة نوع الإنفاق ومستحقّيه.
بشأن المسألة الأولى : ذكرت الآية كلمة «خير» لتبيّن بشكل جامع شامل ما ينبغي أن ينفقه الإنسان ، وهو كلّ عمل ورأسمال وموضوع يشتمل على الخير والفائدة للناس وبذلك يشمل كلّ رأسمال ماديّ ومعنوي مفيد.
وبالنسبة للمسألة الثانية : ـ أي مورد الإنفاق ـ فتذكر الآية أولا الأقربين وتخصّ الوالدين بالذكر ، ثم اليتامى ثم المساكين ، ثم أبناء السبيل ، ومن الواضح أنّ الإنفاق للأقربين ـ إضافة إلى ما يتركه من آثار تترتّب على كلّ إنفاق ـ يوطّد عرى القرابة بين الأفراد. (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ).
لعلّ في هذه العبارة من الآية إشارة إلى أنّه يحسن بالمنفقين أن لا يصرّوا على اطّلاع الناس على أعمالهم ، ومن الأفضل أن يسرّوا إنفاقهم تأكيدا لإخلاصهم في العمل ، لأنّ الذي يجازي على الإحسان عليم بكلّ شيء ، ولا يضيع عنده سبحانه عمل عامل من البشر.