بحالهم من الفضل وأن يكون له أن يختص بفضله من يشاء.
وفي تبديل الفضل بالرحمة في قوله يختص برحمته من يشاء دلالة على أن الفضل وهو العطية غير الواجبة من شعب الرحمة ، قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(١) ، وقال (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً)(٢) ، وقال تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ)(٣)(٤)
س ٦٤ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) [آل عمران : ٧٥]؟!
الجواب / أقول : نزلت هذه الآية بشأن يهوديّين أحدهما أمين وصادق ، والآخر خائن منحط. الأوّل هو «عبد الله بن سلام» الذي أودع عنده رجل ١٢٠٠ أوقية (٥) من الذهب أمانة. ثم عند ما استعادها ردّها إليه. والله يثني عليه في هذه الآية لأمانته. واليهوديّ الثاني هو «فنحاص بن عازورا» ، ائتمنه رجل من قريش بدينار ، فخانه فيه. والله يذمّه في هذه الآية لخيانته الأمانة.
وقيل : إنّ القسم الأول من الآية يقصد جمعا من النصارى ، وأمّا الذين
__________________
(١) الأعراف : ١٥٦.
(٢) النور : ٢١.
(٣) الإسراء : ١٠٠.
(٤) تفسير الميزان : ج ٣ ، ص ٢٦٠ السيط الطباطبائي.
(٥) الأوقية تساوي (١ / ١٢) من الرطل ويساوي (٧) مثاقيل ، جمعها : أواق.