فقد جاء في سورة مريم أنّه لدفع التهمة عن أمّة تكلّم في المهد كلاما فصيحا أعرب فيه عن عبوديّته لله ، وعن كونه نبيّا.
ولمّا لم يكن من الممكن أن يولد نبيّ من رحم غير طاهرة ، فإنّه يؤكد بهذا الإعجاز طهارة أمّه.
«المهد» هو كلّ مكان يعدّ لنوم المولود حديثا ، سواء أكان متحرّكا أم ثابتا.
وتشير الآية كذلك إلى أنّ المسيح لا ينطق إلّا بالحق منذ ولادته حتى كهولته ، وأنّه يواصل الدعوة إلى الله وإرشاد الناس ولا يفتر عن ذلك لحظة واحدة.
«الكهولة» هي متوسط العمر ، وقيل إنّها الفترة ما بين السنة الرابعة والثلاثين حتى الحادية والخمسين ، وما قبلها «شاب» وما بعدها «شيخ».
ولعلّ إيراد هذا التعبير عن المسيح ضرب من التنبّؤ بعودة المسيح إلى الدنيا ، إذ أننا نعلم من كتب التاريخ أنّ عيسى عليهالسلام قد رفع من بين الناس إلى السماء وهو في الثالثة والثلاثين من عمره. وهذا يتّفق مع كثير من الأحاديث الواردة عن عودة المسيح في عهد الإمام المهدي عليهالسلام ويعيش معه بين الناس ويؤيّده. وبعد ذكر مناقب المختلفة يضيف إليها (وَمِنَ الصَّالِحِينَ). ومن هذا يتّضح أنّ الصلاح من أعظم دواعي الفخر والاعتزاز ، وتنضمّ تحت لوائه القيم الإنسانية الأخرى.
س ٣٦ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٧) [آل عمران : ٤٧]؟!
الجواب / أقول : إنّنا نعلم أنّ هذه الدنيا هي دنيا العلل والأسباب ، وأنّ