مِنْهُمْ) أي : طائفة منهم ، عن الداعي (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) عن إتباع الحق (ذلِكَ) معناه : شأنهم ذلك ، فهو خبر مبتدأ محذوف. فالله تعالى بين العلة في إعراضهم عنه ، مع معرفتهم به ، السبب الذي جرأهم على الحج والإنكار. (بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) أي : لن تصيبنا النار (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) وفيه قولان أحدهما : إنها الأيام التي عبدوا فيها العجل ، وهي أربعون يوما. إلا أن الحسن قال سبعة أيام. والثاني : إنهم أرادوا أياما منقطعة. (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ) أي : أطمعهم في غير مطمع (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي : افتراءهم وكذبهم. واختلفوا في الإفتراء الذي غرهم على قولين أحدهما : قولهم (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ، والأخر : قولهم (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ، وهذا لا يدل على خلاف ما نذهب إليه من جواز العفو ، وإخراج المعاقبين من أهل الصلاة من النار ، لأنا نقول إن عقاب من ثبت دوام ثوابه بإيمانه ، لا يكون إلا منقطعا ، وإن لم يحط علما بقدر عقابه ، ولا نقول أيام عقابه بعدد أيام عصيانه ، كما قالوا (١).
س ٢٢ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٥) [آل عمران : ٢٥]؟!
ج : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لابن مسعود : «يابن مسعود ، إذا تلوت كتاب الله تعالى فأتيت على آية فيها أمر ونهي ، فردّدها نظرا واعتبارا فيها ، ولا تسه عن ذلك ، فإنّ نهيه يدلّ على ترك المعاصي ، وأمره يدلّ على عمل البرّ والصّلاح ، فإن الله تعالى يقول : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٢).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٢ ، ص ٢٦٥.
(٢) مكارم الأخلاق : ص ٤٥٢.