قال له بعض من في مجلسه : يا ابن رسول الله ، كيف يعاقب الله ويوبّخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتى بها أسلافهم ، وهو يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(١)؟!
فقال زين العابدين عليهالسلام : إنّ القرآن نزل بلغة العرب ، فهو يخاطب العرب فيه ـ أهل اللسان ـ بلغتهم ، يقول الرجل التميمي وقد أغار قومه على بلد وقتلوا من فيه : أغرتم على بلد كذا وكذا ، وفعلتم كذا وكذا.
ويقول العربي أيضا : نحن فعلنا ببني فلان ، ونحن سبينا آل فلان ، ونحن خرّبنا بلد كذا ، لا يريد أنّهم باشروا ذلك ، ولكن يريد هؤلاء بالعذل ، وهؤلاء بالافتخار أنّ قومهم فعلوا كذا وكذا.
وقول الله عزوجل في هذه الآيات إنّما هو توبيخ لأسلافهم ، وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين ، لأنّ ذلك هو اللغة التي بها نزل القرآن ، ولأنّ هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم ، مصوّبون ذلك لهم ، فجاز أن يقال : أنتم فعلتم إذ رضيتم قبيح فعلهم» (٢).
س ٥٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ
__________________
(١) الأنعام : ١٦٤.
(٢) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٢٦٦ / ١٣٧ ـ ١٣٩.